Image

إلا “قسما “يا سليم دادة .. شكرا للجماهير و للفرقة النحاسية للحرس الجمهوري و المطلوب قوانين رادعة

إلا “قسما “يا سليم دادة .. شكرا للجماهير و للفرقة النحاسية للحرس الجمهوري و  المطلوب قوانين رادعة

الجزائر الآن ـ نقول شكرا لفرقة النحاسية  للحرس الجمهوري التي عزفت أمس الأربعاء مرتين نشيد قسما بملعب وهران مع بداية ونهاية حفل إختتام ألعاب البحر الأبيض المتوسط  وجعلتنا نشعركما هو معتاد بالنشيد ” قسما ” و الذي عند عزوفه تذرف الدموع وتقشعر الأبدان .

التجاوب الرهيب  الجماهير العريضة التي كانت حاضرة بملعب ميلود هدفي بوهران مع نشيد ” قسما ” بعد أداءه من طرف فرقة الحرس الجمهوري يجعلنا نطرح سؤال مهم وهو من أعطى الحق للموسيقار سليم دادة كي يعزف نشيدنا الوطني ” قسما ” بتوزيع موسيقي جديد في منتصف الحفل و حتى خلال حفل الإفتتاح ؟ ونقول ما يلي :

تقول المادة السادسة من الدستور: “العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة أول نوفمبر 1954 وهما غير قابلين للتغيير”، وجاء في القانون 06/86 المؤرخ في 4 مارس 1986 والمتعلق بالنشيد الوطني والصادر في الجريدة الرسمية يوم 5 مارس 1986، وفي المادة 3 “يجب أن يعزف النشيد الوطني بكل احترام وتقدير واعتزاز..”، وفي المادة 4 جاء: “يعاقب بالحبس من 5 إلى 10 سنوات كل من يرتكب أي فعل  أو يسلك سلوكا أو يتخذ موقفا يمس الطابع  الذي يضفيه هذا القانون على النشيد الوطني”
إذن، من سمح لسليم دادة بإعادة توزيع لحن النشيد الوطني، خاصة أنّ النتيجة كانت نسخة مشوهة  بليدة غير قابلة للحياة؟
لقد كانت ألعاب البحر الأبيض المتوسط في نسختها 19 مميزة، في جميع تفاصيلها، من حفل الافتتاح، إلى حفل الاختتام الذي كان سهرة الأربعاء، ولكن بعيدا عن النتائج الرياضية والرسائل الهامة التي أرسلتها الجزائر إلى كل العالم منها  عدم توقف الجماهير الحاضرة من بعث رسائل لخونة الداخل و الخارج بعدما أصرت على الترديد وبأعلى صوت  ” الجيش الشعب خاوة خاوة” و”فلسطين الشهداء” . فالحدث “الرمزي” الذي شغل رواد منصات التواصل الاجتماعي كان “النشيد الوطني”، الذي جاء بتغييرات موسيقية وتوزيع جديد، رغبة في إعادة الروح الجزائرية له، ووسمه بلمسة جزائرية. وكأن كل ذلك كان مفقودا في نشيد وطني يزعزع كيان سامعيه ويجعل الأبدان تقشعر. أو كأنه استرجاع تراث تآلف معه الجزائريون، وسكن وجدانهم، بألحان الفنان المصري محمد فوزي.
ما فعله سليم دادة بالنشيد الوطني أثار استهجان كل الجزائريين، الذي لم يتعودوا أن يسمعوا كلمات مفدي زكريا تغنى بذاك اللحن الذي كان بعيدا كل البعد عن تلك الرمزية التي يحملها نشيد “قسما” والذي يعتبر أجمل نشيد وطني في العالم، برأي الكثير من المختصين، سواءً من حيت الكلمات، أو من حيث اللحن والتوزيع الموسيقي.
ربما ما لا يعلمه دادة ومن منحوه الحق في “المساس به”، أنّ كلمات النشيد الوطني لم تقبل أن تلبس أي لحن في بدايته، خاصة أنّ مفدي زكريا وقادة الثورة لم يكونوا يرضون لكلمات “نشيد وطني” إلا لحنا خالدا.
كان محمد التوري  أول من أوكلت له مهمة تلحين “قسما”، وكان ذلك في شهر ديسمبر 1955، إلا أنّ اللحن لم يكن مقنعا، وتم رفضه لعدم توفر الروح الثورية فيه (التي غابت أيضا عن توزيع سليم دادة)، وهذا ما دفع مفدي زكريا لشد الرحال إلى تونس للبحث عن ملحن جديد للنشيد.
وفي العاصمة التونسية قام الموسيقار التونسي محمد التريكي بتلحينه وكان أول تسجيل في مقر البعثة التعليمية الجزائرية، وسلم اللحن إلى مفدي زكريا الذي عاد به إلى الجزائر أوائل أفريل 1956، إلا أن لحن التريكي رفض لكونه لم يرقَ للمستوى المنشود بسبب صعوبتة واحتوائه على لحن لكل مقطع مما جعل منه خمسة أناشيد وليس نشيدا واحدا.
بعدها نقل النشيد إلى القاهرة في مهمة سرية للبحث عن نموذج موسيقي يليق بمقام النشيد الوطني، ليكون الفنان الموسيقار المصري محمد فوزي، أول من وضع لمسات الإيقاع المناسب، واقتنعت أخيراً جبهة التحرير باللحن الجديد، واعتبرته قوياً وفي المستوى.
هذه هي رحلة تلحين النشيد الوطني الذي قام سليم دادة بمسح الثورية عنه، وهذا ما عكس غضب الجزائريين الذي وصل إلى حالة السخط، وربما من أبرز التعليقات على جرم سليم دادة، ما كتبته سيدة على صفحتها، “بعد موتك يا أبي فقد النشيد الوطني روح الإقدام فيه”، لأنّ والدها كان ضمن جوق الحرس الجمهوري، الذي تُخوّل له مهمة عزف وأداء النشيد الوطني في كل المناسبات.
وكتب آخر: “تبديل موسيقى النشيد الوطني يشبه محاولة الغراب تقليد مشية الحمام… ما صنعه محمد فوزي، حينما وضع موسيقى النشيد الوطني لن يتكرر، لأنّه كان عظيما وعبّر عن عظمة الشعب الجزائري وثورته، التي لن تتكرر”
وكتب ثالث: “ما أقلقني كثيرا وأزعجني حقيقة خلال افتتاح الطبعة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط في وهران هو تغيير النمط الموسيقي للنشيد الوطني الجزائري حتى الجمهور لم يستطع التأقلم مع الأنغام التي طرأ عليها تغيير كبير. مع العلم أنّ النشيد له ميزة خاصة تزيدك حماسة وأكثر حبا للوطن عند سماعه بطبعته الأصلية.”
هذا قليل من كثير، يؤكد قداسة النشيد الوطني الجزائري بكلماته وألحانه، التي تهز القلوب والوجدان، ولكن سليم دادة، أراد اللعب في منطقة محرمة، فلقي غضب الجمهور، ويكفي هنا التوقف عند ردة فعل الجمهور الحاضر بملعب ميلود هدفي بوهران، ولنقارن ردة فعله عند عزف “قسما” بلحن دادة، و”قسما” الحقيقي، عن طريق الفرقة النحاسية، حيث لم يكن هناك أي تفاعل مع الأول، فيما اهتز الملعب كله، وهو يستعيد رهبة النشيد الوطني، عن طريق أشخاص، يعرفون قيمة النشيد وتربوا على أدائه بتلك الطريقة، قبل حتى أن يولد سليم دادة.
لقد أكدت الدولة الجزائرية حسب رأينا  أنّها لم تكن راضية و لن ترضى على  ما فعله سليم دادة بأحد رموز الدولة الجزائرية، ولهذا كان استدعاء الفرقة النحاسية،لأداء النشيد ” قسما ” في بداية ونهاية حفل الإختتام
من هذا المنبر الإعلامي نناشد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني ، تجريم كل عمل كل من يمس بالنشيد الوطني والعلم الجزائري، كما ينص على ذلك الدستور، وإن كان سليم دادة يُعذر هذه المرة ، فلن يكون عذرا لمن يفعل ذلك بعده.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار