Image

الافتتاحية ..يوم عاد مانديلا إلى الجزائر

الافتتاحية ..يوم عاد مانديلا إلى الجزائر

الجزائرالآن _زخم كبير تعرفه الجزائر في الساعات الأخيرة، في صورة تعكس الاهتمام الكبير الذي تحظى بها كأس إفريقيا للمحليين من طرف السلطات العليا في البلاد، هذا الزخم لم يسبق لهذه التظاهرة أن عرفته في طبعاتها الست الماضية في كوت ديفوار والسودان وجنوب إفريقيا ورواندا والمغرب والكاميرون.

لأول مرة تكون منافسة إفريقية تحت ظل أكبر زعيم إفريقي وهو نيلسون مانديلا، الذي كان حاضرا بالملعب الذي حمل اسمه وتحت أنظار نجله، فالجزائر كعادتها ترفض أن تقتل العظماء، فأعادت الحديث عن نيلسون مانديلا، الذي قال عنه الرئيس عبد المجيد تبون، بأنّه جزائري، وأنّ تسمية ملعب براقي باسمه هو تأكيد لانتماء الجزائر الإفريقي، كما أكدت من قبل انتمائها المتوسطي بتنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط وانتمائها العربي بتنظيم القمة العربية.

لقد أراد الرئيس عبد المجيد تبون في أول يوم من السنة الأمازيغية 2973، أن يقول لكل العالم، أننا نعتز بانتمائنا العربي وانتمائنا الإفريقي، دون أن ننسى طابعنا المتوسطي الذي يربطنا بكل دول البحر الأبيض المتوسط، وأبدى استعداد الجزائر لاحتضان أهم المقابلات الدولية، إذا أرادت الفيفا والكاف ذلك، ولكن قبل ذلك، أكد الرئيس أنّ هذه المنشئات العملاقة، التي أبهرت العالم بداية من ملعب نيلسون ومانديلا، وميلود هدفي وبعدهما ملعبي تيزي وزو والدويرة، كان السبب الأول لبنائها، هو خدمة الشباب الجزائر.

هذه الكلمات الرئاسية تؤكد التوجه الجديد للجزائر، القوية بأبنائها وبمنشآتها، وبتاريخها الحضاري الممتد إلى آلاف السنين، لقد أعادت لنيلسون مانديلا وهجه كما أعادت للقضية الفلسطينية بريقها، وكأن الرئيس تبون، يقول للعالم، إذا خفتم من زوال أي شيء فأحضروه للجزائر.

لقد عاد هذا الخميس الأول من العام الأمازيغي الجديد، رئيس الفيفا جياني أنفانتينو ليتوشح الراية الوطنية، ويقول بملء فمه “وان تو ثري فيفا لالجيري”، لقد جاء أنفانتينو، ليشاهد أنّ هذه البلاد التي ظلم منتخبها لكرة القدم على ميدانه وتم إبعاده من مونديال قطر، تملك ميادين لا تقل عن تلك الموجودة في قطر.

لقد جاء أنفانتينو إلى الجزائر، مفندا كل ما ذهبت إليه أبواق المخزن، بأن رئيس الفيفا لن يحضر افتتاح الشان، لأنّه يفضّل أن يكون في المغرب للمشاركة في قرعة “الموندياليتو”، لكن أنفانتينو حضر وتشرّف بلقاء الرئيس عبد المجيد تبون والتعرف على نجل الرمز الراحل نيلسون مانديلا، وهو شرف لم يحصل عليه خلال تأبين الأسطورة الكروية بيلي، ولا حتى خلال كل زياراته المتكررة إلى المغرب، التي زارها أكثر من أي دولة إفريقية أخرى.

لقد كان خميسا حافلا عشية انطلاق بطولة “الشان”، فظهر الرئيس تبون في ثوب الزعيم، وهو يحتضن الزعيم مانديلا على أرضه، وظهر أنفانتينو ليفخر بإنجازات الجزائر، وكان إلى جانبه رئيس الكاف باتريس موتسيبي، الذي كان الأكثر سعادة من كل الحاضرين، كيف لا وهو يرى بطولة كانت على هامش التاريخ، تعود لتسرق الأضواء في عهدته، لقد قال قبل أيام أنّ “شان الجزائر” ستكون الأفضل في التاريخ، وعندما وقف بنفسه أمام تلك المنشئات، لم يصدق عينيه،  وأكد اعتزازه بإفريقيته، فقط لأنّ الجزائر إفريقية.

موتسيبي، ظهر كطفل صغير وهو فرح بمنزله الكبير الذي انتقل إليه من منزله الفقير، لقد أعادت الجزائر لهذا الرجل افتخاره بإفريقيته، بعد أن كانت إفريقيا “معرّة” في الكاميرون، وكان ملعب “جابوما” بدوالا، رمز إهانة لكل ما يتعلق بكرة القدم الإفريقية.

وجود موتسيبي بالجزائر، كان من الضروري أن يعيد الحديث بقوة عن كأس إفريقيا المقررة سنة 2025، وجدد الرجل تأكيده أنّ لا شيء تقرر، وحتى يبدد تخوفات الجزائريين، أكد أنّ “الشان” ستكون فرصة كبيرة للجزائر من أجل الحصول على شرف تنظيم “كان 2025”

كما وجد رئيس الكاف الفرصة لتفنيد كل الأخبار التي تتحدث عن توغل رئيس الجامعة الملكية المغربية داخل الاتحاد الإفريقي، وفي نفس الوقت برأ هيأته من مسؤولية تأمين وصول المنتخب المغربي إلى قسنطينة عبر طائرة للخطوط الملكية المغربية، مؤكدا أنّ هناك أمور سيادية خاصة بالدول، لا يمكن للكاف تجاوزها، منتصرا بهذا للموقف الجزائري، ومشيرا إلى أنّ الكاف ستتعامل مع انسحاب المنتخب المغربي وفق القوانين، ومع ذلك، أشاد بالشعب الجزائري وكذلك الشعب المغربي، متمنيا أن تعود الأمور إلى مجاريها، دون أن يخوض في التفاصيل.

تلك التفاصيل التي كانت تتقاطر من المغرب، فبعد بيان في الصبيحة يؤكد انسحاب المغرب رسميا من المنافسة، ظهرت مع المساء أخبار تتحدث عن تراجع لقجع عن الانسحاب ورضخ لأمر الواقع .

بالمختصر لقد كان جو الجزائر في أول أيامها الأمازيغية في العام الجديد، معبقا بروح التاريخ، ذاك التاريخ الذي صنعه مانديلا، مقتديا بأحرار الجزائر وهو يتدرب على يد مجاهدي جيش التحرير الوطني، وهي القصة التي أعادها الرئيس تبون أمام الإعلاميين، ليسمعها من لا يعرفها من العرب والعجم، ومؤكدا في نفس الوقت، أنّ الجزائر قوية بتاريخها وبحاضرها، وأنّ العرس الإفريقي الذي سينطلق مساء الجمعة، لن يكون سوى حلقة في سلسلة من الأفراح التي تنتظر الجزائر الجديدة.

 

 

 

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار