Image

الشان في بلاد الشان” .. الجزائر تبصم على النجاح قبل الآوان

الشان في بلاد الشان” .. الجزائر تبصم على النجاح قبل الآوان

الجزائرالآن _كما أعادت للألعاب المتوسطية رونقها، وللقمة العربية أهميتها، وللقضية الفلسطينية وهجها، يبدو أنّ الجزائر مقبلة على منح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، أفضل نسخة لبطولة كأس إفريقيا للاعبين المحليين.

لقد كانت النسخ الست الماضية من كأس إفريقيا للمحليين، تبدأ وتنتهي دون أن تثير الاهتمام اللازم، لدرجة أنّ المهتمين بكرة القدم أنفسهم، يلجؤون إلى “غوغل” لمعرفة، أين نُظمت ومن فاز بها، وهذا ما جعل الكاف تفكر في إلغاء هذه التظاهرة، بحجة عدم جدواها الاقتصادية والفنية، وكان هناك قرار شبه رسمي بأنّ النسخة السابعة من “الشان” المقررة بالجزائر ما بين 13 جانفي و4 فيفري 2023 ستكون الأخيرة.

لكن ومع اقتراب موعد المنافسة، بدأ صداها يرتفع وينتشر شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وهو ما دفع الاتحادات الإفريقية إلى التراجع عن فكرة إلغاء المنافسة، وبدل ذلك أصبحت تُطرح صيغا أخرى من أجل إبقائها، ومن هذه الصيغ، السماح بمشاركة كل اللاعبين الذين ينشطون داخل القارة الإفريقية، أي أنّه بإمكان المنتخب الجزائري مثلا أن يعتمد على اللاعبين الجزائريين الذين ينشطون في تونس والمغرب وغيرها من البطولات المحلية الإفريقية، في حين أنّ القانون الحالي، يفرض على كل منتخب الاعتماد فقط على اللاعبين الذين ينشطون داخل بلده، أي أنّ على بوقرة أن يستعمل فقط اللاعبين الناشطين في البطولة الجزائرية، كما هناك اقتراح بتحويلها إلى بطولة للاعبين الأقل من 23 سنة، وهناك من يطالب بإبقائها على شكل الحالي، دون إلغائها.

الجزائر أعادت بعث الروح في بطولة محكوم عليها بالموت

ارتفاع الأصوات المنادية بعدم إعدام “الشان”، يعود إلى الزخم الهائل الذي أحدثه تنظيم الجزائر لهذه المنافسة وحتى قبل انطلاقتها، فعلى مر الأسابيع الماضية، لا حديث يعلو على بطولة إفريقيا للمحليين، حيث غطّى هذا الحدث على الكثير من الأحداث الرياضية، فحتى الإعلام الخليجي يتحدث عن “شان الجزائر” أكثر من حديثه عن “خليجي 25” التي انطلق أمس الجمعة بالبصرة العراقية، فيما يبدو أنّ الحديث عن “الموندياليتو” المقرر بداية الشهر القادم بالمغرب، مؤجل إلى وقت لاحق، فطوال الأيام الماضية، لا تذكر بطولة العالم للأندية، إلا بسبب “الشان”، كالحديث عن برمجتهما في نفس الوقت مثلا، أو برمجة التصويت على اختيار البلد المنظم لـ”كان 2025” على هامش “الموندياليتو” وليس على هامش “الشان”، وأخيرا، برمجة قرعة بطولة العالم للأندية، في نفس يوم افتتاح “الشان”، كما يبدو أنّ الكثيرين، لا يعلمون أنّ بطولة العالم لكرة اليد، ستنطلق مع انطلاق كأس إفريقيا للمحليين، بالسويد وبولندا، بمشاركة الجزائر ومصر وتونس والمغرب والرأس الأخضر.

هذه الهالة التي تكسو “الشان” قبل انطلاقه، أرجعها الكثير من المتتبعين، إلى اسم البلد المستضيف، وهو الجزائر، فلو كان المكان غير الجزائر، لما أخذ الحديث عن “الشان” كل هذا الزخم، الذي يبدو أنّه يتزايد مع اقتراب موعد الافتتاح المقرر الجمعة القادم.

أكثر من 1000 صحافي يريدون تغطية “الشان”

فاجأ رشيد أوكالي رئيس لجنة تنظيم “الشان” الجميع وهو يعلن من قسنطينة أنّ عدد الصحافيين الذين قدّموا طلبات لتغطية “الشان”، تجاوز 1200 طلبا، وأنّ أكثر من 500 صحافي أجنبي سيكونون حاضرين بالجزائر، وهذا الرقم أكبر من عدد الصحافيين، الذين كانوا متواجدين بالكاميرون لتغطية كأس إفريقيا للأمم شهر جانفي 2022،  والذي لم يتجاوز 900، وهو ما جعل كل وسائل الإعلام تورد هذا الخبر، فمن غير المعقول أن يكون كل هذا الاهتمام ببطولة، لا يعرف الكثيرون خارج القارة الإفريقية عنها شيئا، ويبدو أنّ الظروف الرائعة التي وُضع فيها الصحافيون خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران، جعلت الكثير منهم يفكر في العودة إلى الجزائر، وحتى الأصداء الرائعة التي نقلها الصحافيون من وهران، وحتى من خلال القمة العربية بالجزائر العاصمة، أكدت للجميع، أنّ تنظيم “الشان” بالجزائر سيكون فرصة لا تعوّض للصحافيين.

من جهة أخرى، فإنّ سعي مئات الإعلاميين للتواجد بالجزائر، يعود إلى الإمكانات الكبيرة التي ستوضع تحت تصرفهم، سواءً من حيث الإقامة والنقل الذي سيكون مجانا، وكذلك الخدمات، حيث تم تجهيز مراكز للصحافيين، تضم أفضل الأجهزة وبتدفق عالي للأنترنت، ما يسهل عمل الصحافيين، من مختلف أنحاء العالم.

النقل التلفزيوني مضمون لجميع الجماهير

كما ستعرف منافسة “شان 2022″، نقلة نوعية من حيث النقل التلفزي، حيث تعاقدت مؤسسة التلفزيون الجزائري مع الشركة الإسبانية العالمية “ميديا برو”، وهي  الشركة التي قامت ببث ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران، وكأس إفريقيا لكرة القدم 2019 بمصر.

أما عن القنوات الناقلة، فستكون المقابلات كلها منقولة على القناتين الوطنيتين الأرضية والسادسة، واللتان يمكن التقاطهما بسهولة عبر قمر النايل سات، بالإضافة إلى قنوات “بي إين سبورتس” الفرنسية على قمر أسترا، في حين بإمكان الأفارقة مشاهدة اللقاءات عبر القناة السنغالية (RTS)، والقناة الإيفوارية (RTI)، في انتظار أن تكشف قنوات أخرى، عن نقلها لهذه المنافسة، سواءً أرضيا أو فضائيا.

حفل افتتاح عالمي تحت أنظار أنفانتينو

بعد النجاح الكبير الذي حققه حفل افتتاح ألعاب البحر الأبيض المتوسط الصيف الماضي بوهران، ينتظر كل المتتبعين، حفل افتتاح “الشان” المقرر الجمعة القادم بملعب “نيلسون مانديلا” ببراقي، ورغم أنّ مدة الحفل لن تتجاوز 25 دقيقة، كما أكد رئيس لجنة التنظيم، بناءً على تعليمات “الكاف”، إلا أنّ رشيد أوكالي، أكد أنّ الحفل سيشهد مفاجآت كبيرة، رافضا الكشف عن الفنانين الذين سينشطون سهرة الافتتاح، ولا حتى أسماء الضيوف، الذين سيكونون حاضرين بالمنصة الشرفية، مع التأكيد على تواجد رئيس الفيفا جياني أنفانتينو ورئيس الكاف باتريس موتسيبي، كما أنّ هناك حديث عن إمكانية حضور زين الدين زيدان ومحمد أبوتريكة، والكثير من النجوم الافارقة السابقين، وسيكون هذا كله برعاية رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي يؤكد من مناسبة لأخرى قربه ودعمه لكل التظاهرات الرياضية التي تحتضنها الجزائر.

الجزائر تتزين بجواهر عالمية لاستقبال  ضيوفها

أما على مستوى المنشآت المخصصة للمنافسة، فقد وضعت الجزائر ملاعب بمواصفات عالمية، تحت تصرف المنتخبات المشاركة، وأهم ملعب والذي سيحتضن لقاءات المنتخب الجزائر، هو ملعب “نيلسون مانديلا” ببراقي في العاصمة، ملعب ذو مواصفات عالمية يتسع لـ40 ألف متفرج و يحتوي على25 درج كهربائي، 05 مصاعد كهربائية، قاعة المؤتمرات و 04 غرف تبديل الملابس. سيحتضن حفل افتتاح المنافسة مساء الـ 13 من جانفي 2023، وتلي الموعد في الساعة الثامنة مساء، إقامة مباراة الانطلاقة بين المنتخب المحلي الجزائري ونظيره الليبي.

كما سيكون ملعب وهران الجديد ميلود هدفي هو الآخر أحد أهم الملاعب التي ستستضيف العرس الإفريقي، وهو مركب رياضي أولمبي فخم بمواصفات عالمية، يتسع لـ 40 ألف متفرج، تم بناؤه على عمق 15 متر تحت الأرض لتهيئة أرضيته. أما الهيكل الخارجي فهو من الحديد الصلب مزوّد بكاميرات للمراقبة و4 مراكز للحراسة ومرأب للسيارات يتسع ل 1500 سيارة.

ثالث ملاعب “الشان” هو الملعب التاريخي الشهيد حملاوي (17 جوان سابقا) بقسنطينة، والذي تم تجديده ليتسع لـ22 ألف متفرج، وقد اكتسب حلة جديدة بعد الإصلاحات التي عرفها مؤخرا، و يمتاز بأرضية ميدان من العشب الطبيعي ذو مواصفات عالمية.

وفي عنابة، سيكون ملعب 19 ماي 1956 الذي يسع لحوالي 56 ألف متفرج، آخر الملاعب التي ستستضيف المنافسة، وتمت إعادة تهيئته من جديد واكتسب حلة جديدة، و أصبح بمواصفات عالمية أيضا.

كما ستكون هناك ملاعب خاصة بالتدريبات في كل المدن المعنية بالمنافسة، كما خصصت السلطات المحلية في كل ولاية فنادق خمس نجوم وأربع نجوم لإقامة الوفود المشاركة، والإداريين والحكام والصحافيين، حيث ستكون كل الظروف مواتية لضيوف الجزائر.

صحة، سياحة ورياضة في “شان الجزائر”

في الشق الصحي، قال رشيد أوكالي رئيس لجنة التنظيم، أنّ هناك إجراءات منذ وصول الوفود إلى المطار؛ من خلال الخضوع للكشف عن فيروس كورونا، إضافة إلى توفير مصحات صغيرة على مستوى الفنادق التي تأوي المنتخبات، وحول عملية التسويق الرياضي، فقد جهزت اللجنة المنظمة، ومضات لهذا الحدث، ونشيدا خاصا بالبطولة، بالإضافة إلى “التميمة” التي هي عبارة عن فنك، باعتباره رمز من رموز الجزائر، كما وضعت اللجنة المنظمة عبارة “مرحبا” كشعار للتظاهرة.

وخلال فترة البطولة، سيتم تسخير أماكن للأنصار الذين لم يسعفهم الحظ لاقتناء تذاكر؛ من أجل متابعة اللقاءات في الساحات الكبرى بشاشات كبرى، مع العلم أن تمكن التذكرة سيكون 200 دينارا فقط.

أما الجانب السياحي، فهو الآخر سينال حقه، حيث سيكون الضيوف معنيين بزيارات سياحية لبعض مدن الجنوب.

“شان 2022” سيكون تذكرة الحصول على “كان 2025”

سيكون تنظيم الجزائر لـ”شان 2022″ (التظاهرة مؤجلة بسنة بسبب فيروس كورونا)، فرصة كبيرة لإقناع المجلس التنفيذي للكاف لمنحها شرف تنظيم كاس إفريقيا للأمم 2025 التي تم سحبها من غينيا، وبعيدا عن الحديث عن الكواليس والفساد الذي ينخر جسد “الكاف”، فإنّ ما وفّرته الجزائر لمنافسة “الشان” من المنطقي أن يجعلها تفوز بتنظيم “كان 2025” دون أي إشكال، ومع ذلك، بوسعها، إسقاط كل الأعذار من أمام “الكاف” بإنجاح هذه المنافسة، التي تراهن عليها كل الجماهير الجزائرية، من أجل تقديم صورة الجزائرية الحقيقية، تلك الصورة عن جزائر التاريخ والحضارة، جزائر بها منشآت لا توجد في أي بلد إفريقي آخر، ولهذا، ستكون “الشان” تذكرة الجزائر إلى “الكان” رغم كل المتواطئين.

الألعاب المتوسطية والقمة العربية شاهدان على قوة الجزائر التنظيمية

الزخم الذي تعرفه التظاهرات بمختلف أنواعها  بالجزائر، ليس بجديد، فقد سبق للجزائر، أن أعادت الروح لتظاهرات كتب عليها الموت، وأعادت لها بريق خفت قبل ذلك، فقد سبق أن فقدت ألعاب البحر الأبيض المتوسط وهجها، وأصبحت تظاهرة ثقيلة على منظميها، قبل المشاركين، ولكن تمكنت “وهران الباهية” من تغيير هذه النظرة، وأعادت للألعاب زخمها الرياضي والإعلامي، حيث انهالت الاشادات والتشكرات على الجزائر بعد نهاية المنافسة، وجعلت الكثيرين ينتظرون الطبعة القادمة، لعلها تكون بنفس الامتياز الذي حققته طبعة وهران.

الاهتمام الكبير الذي تجلبه التظاهرات المقامة في الجزائر، لا يقتصر على التظاهرات الرياضية فقط، فحتى التظاهرات السياسية، شاهدت على قدرة الجزائر على جلب الاهتمام وصناعة الحدث، ويكفي هنا التوقف عند القمة العربية الأخيرة، حيث كانت “الجامعة العربية” تجد صعوبة في إيجاد البلد الذي يحتضن الدورة، كما يتهرب الكثير من القادة والرؤساء من المشاركة، ولكن “قمة الجزائر”، غيّرت تلك الصورة النمطية عن القمم العربية، وكانت قمة استثنائية بكل المقاييس، سواء من خلال نوعية الحضور، أوالقرارات التاريخية الناتجة عنها.

“نعيق الغربان” يتجدد والجزائر تواصل التحليق عاليا

كما جرت العادة، لا تخلو تظاهرة تنظمها الجزائر، من حملات التشويش والتشويه تقودها، “غربان” المخزن المغربي، لأنّها تحقد على كل نجاح جزائري، فقبل انطلاق ألعاب البحر المتوسط، انتشر “الذباب الإلكتروني” التابع للبلاط العلوي، للحديث عن فشل التظاهرة قبل بدايتها، بالحديث عن الانسحابات، وعدم جاهزية الجزائر، بسبب انعدام المنشآت الرياضية وغيرها، قبل أن يصدم بنجاح لم يتحقق على مر الدورات 18 السابقة، وعادت “غربان” المخزن لتنعق من جديد قبل القمة العربية، بالحديث عن غيابات القادة العرب، ورفضهم لبرمجة القمة بالجزائر، وكانت النتيجة، أكبر تمثيل منذ أول قمة عربية، ونالت الجزائر والرئيس تبون الاعتراف والامتنان، وحاليا، لا تكاد تفتح صفحة من صفحات التواصل الاجتماعي، حتى تفوح منه رائحة الحقد والكراهية تجاه بلد الشهداء، ففبركوا انسحاب الكاميرون، وحوّلوا غياب المنتخب التونسي المعاقب والمصري الذي لم يشارك في أي نسخة سابقة، إلى مقاطعة، وأضافوا لهم منتخبات أوغندا وليبيا وغيرها، وهذا لا لشيء إلا من أجل التشويش على الحدث الذي تفتخر الجزائر باحتضانه، وسيؤشر الجميع بإذن الله على نجاحه بالعلامة الكاملة يوم 4 فيفري مع حفل الاختتام.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار