Image

كابرانات بلدي حرروا وطن!!

كابرانات بلدي حرروا وطن!!

الجزائرالآن 29 يناير 2023
لم يسبق للنخبة السياسية في الجزائر عند انتقادها للجارة المغرب أو حتى تهجمها على النظام المغربي وأن استعملت مصطلحات مشينة أو مهينة للشعب و رموز المملكة المغربية ومؤسساتها ، عكس ما يفعله بعض ممن يحسبون على النخبة في المغرب وساستها و صحفييها وحتى رجال دينها الذين لا يترددون في التهكم على الرئيس ورموز الجزائر وتاريخها وثورتها ، و وصف قادة الجيش ب “الكابرانات” للتقليل من شأنهم والاستهتار بهم عوض الاكتفاء بالدفاع عن بلدهم و قضاياهم و وحدتهم الوطنية كما يدعون، وانتقاد السياسات بعيدا عن المساس بالأشخاص و مؤسسة الجيش الجزائري التي صارت تشكل عقدة للكثير لأسباب سياسية و تاريخية ، ويجب التأثير على رجالها والتهجم عليها ، في وقت ازداد التفاف الجزائريين حول جيشهم و وطنهم ، وحتى قضايا بلدهم الإقليمية والدولية التي لم تمكن تعنيهم بالشكل الحاصل اليوم بعد أن أدركوا حجم الخطر والضرر.

من يوصفون ب كابرانات الجزائر في وسائل الإعلام المغربية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي للكثير من النخب للأسف، يتم تداوله في الأوساط الشعبية على أساس أنه شتيمة وتهكم على جنرالات الجيش الوطني الشعبي الذين نعتبرهم نحن جنودا للوطن ، لم يرتقوا بعد الى مصاف الكابرانات حتى ينجحون في صد كل الهجمات التي تتعرض لها الجزائر ، و مواجهة كل النوايا التوسعية للقريب والبعيد ، هم أبناء الشعب الذين حرروا الوطن من الاستعمار رفقة أبناء شعبهم، وساهموا في بنائه بعد الاستقلال، و يسهرون على حماية أراضيه ومكتسباته اليوم وغدا وبعد غد في إطار مهامهم الدستورية بكل حكمة وتبصر، دون تهور أو انجراف نحو حروب تستنزف طاقاتنا وجهودنا ، وتفوت علينا فرصة الارتقاء ببلدنا الى مصاف الدول المتحضرة والمتطورة، بسواعد أبنائها ، دون الحاجة الى وصي يرهن سيادتنا بحجة حمايتنا.

التهكم الذي يتعرض له الجيش الوطني الشعبي من نخبة الجارة يذكرني بالحملات التي تتعرض لها المخابرات الجزائرية في الداخل والخارج، من جزائريين وأجانب في سيناريو يراد من خلاله التأثير على معنويات واحد من الأجهزة الأمنية الهامة في البلد، و التي لا تتوانى الدول العظمى في تقوية ودعم نظيراتها عندها على غرار وكالة الاستخبارات الأمريكية ، وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، والموساد ، وأجهزة المخابرات العامة الفرنسية والألمانية والبريطانية، والتي تحمي بلدانها و تضفي عليها قوة وهيبة تضاهي القوة العسكرية فيها ، وتحظى بكل الاهتمام والدعم من قادتها وشعبها لأنها تصنع الفارق في تحقيق الأمن القومي والحماية للوطن وبلوغ التفوق الدبلوماسي والعسكري ، لكن عندما يتعلق الأمر بالمخابرات الجزائرية تصبح في نظرهم اجرامية وارهابية يجب أن تسقط حتى تنهار الدولة.

من حق الجزائريين، بل من واجبهم انتقاد الرئيس والجنرال والوزير و الوالي والمدير لأنهم “خدامين الشعب” وليس العكس مثلما يحدث في الكثير من البلدان التي تقدس الأشخاص على حساب المؤسسات، لكن عندما يأتي التهكم و الانتقاد الحاقد من خارج الجزائر يلتفون حولهم كلهم نكاية ودعما للمؤسسة، ويقينا من جهة أخرى بأن النوايا خبيثة تريد إضعاف الجزائر والتأثير على معنويات شعبها في إطار استراتيجية قديمة جديدة، طويلة المدى تنم عن حقد كبير تجاه الجزائر، التي يراد لها أن تكون ضعيفة بشعبها وجيشها حتى تسهل عملية السطو على أراضيها وخيراتها، والتأثير على مواقفها الداعمة لقضايا التحرر، النابعة من قيم مبادئ وقناعات شعب يدرك معانى الاحتلال والثورة والحرية والكرامة الانسانية، لذلك خاض مع جيش التحرير واحدة من أعظم ثورات القرن العشرين.

الجزائريون عندما يلتفون حول جهاز مخابراتهم وجيشهم، فإنهم يلتفون حول مؤسسات بلدهم، وليس حول قوى أجنبية أو حول أشخاص يأتون ويرحلون تباعا وتبقى المؤسسات قائمة بنفس القيم والمبادئ والأهداف المتجذرة في نفوس كل جندي و كابران وضابط وجينيرال ، وفي نفوس كل الجزائريين بايجابياتهم وسلبياتهم، التي ندعمها و ننتقدها عند الضرورة ، ونتحول لأجلها الى جنود و كابرانات وجنرالات ومخابرات “في خدمة البلاد”، دفاعا عن الوطن أمام الخطر الخارجي مهما كان مصدره ، لكن حتى في دفاعنا و خصومتنا نتحلى بالشرف الذي يمنعنا من الاعتداء على الأبرياء و التهكم على الشعب المغربي ورموزه، و بالتالي نحترم كل شريف يدافع عن بلده حتى ولو كان عدوا لنا ، لكننا نحتقر الخائن والجبان الذي يبيع وطنه بالرخيص.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار