Image

الكرة الجزائرية إلى أين ؟

الكرة الجزائرية إلى أين ؟

الجزائرالآن _ خروج بطل الجزائر شباب بلوزداد ، و فخر الجزائر شبيبة القبائل من مسابقة دوري أبطال أفريقيا صنع الحدث في وسائل الإعلام الجزائرية وأعاد إلى الواجهة نقاش يتكرر منذ سنوات عند الاخفاق ، حول الأسباب والتداعيات ، وما يجب فعله للنهوض بالكرة الجزائرية التي تراجعت على كل المستويات منذ إخفاق المنتخب الأول في الحفاظ على تاجه القاري في الكاميرون، وفشله في التأهل الى كأس أمم افريقيا، ثم التعثر المزدوج لمنتخب أقل من 23 سنة في التتويج بذهبية البحر الأبيض المتوسط، والتأهل الى أولمبياد باريس، وصولا الى منتخب أقل من 20 سنة الذي فشل الى التأهل الى نهائيات كأس أمم افريقيا، اضافة الى الاخفاق المرتقب للأندية في مسابقة دوري أبطال أفريقيا، واخفاق المسيرين في تولي مناصب داخل الهيئات القارية والدولية بمختلف لجانها ، دون الحديث عن تراجع مستوى الدوريات المحلية بكل أقسامها وأصنافها.

الحقيقة أن تتويج المنتخب الأول بكأس أمم إفريقيا 2019 ، ومنتخب المحليين بكأس العرب 2021 ، كان بمثابة الشجرة التي غطت على غابة كثيفة الأشجار ، مليئة بالمشاكل والنقائص ، تعرض فيها الاتحاد المحلي المسير للعبة للاختطاف على مدى سنوات ، سادت فيها الارتجالية في اتخاذ القرارات و اختيار المسيرين والمدربين ، و تفشت الرداءة و عمت الفوضى وسوء التسير، الذي ادى الى افلاس الهيئة الكروية المسيرة ماليا بعد أن كانت إحدى أغنى الاتحادات في افريقيا والوطن العربي، قبل أن تصل درجة الاقتراض من البنوك العمومية لتسديد رواتب موظفيها الذين تزايدت أعدادهم وتضاعفت رواتبهم، في وقت تراجعت المداخيل بشكل كبير ، وفي وقت كان جميع الفاعلين يتفرجون على الوضع ، بل يتناحرون بينهم سعيا للحفاظ على مكاسبهم الخاصة ، وبقيت السلطة تتفرج على وضع يزداد سوءا في لعبة تتعلق بها جماهير واسعة .

التركيز على المنتخب الأول دون غيره من المنتخبات الشبانية، و التغاضي عن تكوين للاعبين والمدربين والمؤطرين، و الأندية المحترفة والهاوية ، كان له وقعه على المنظومة الكروية بكاملها، وجعلنا اليوم نستفيق على واقع تعيس، يقتضي تقييم فعلي شامل ، يتبعه إعداد مشروع للنهوض باللعبة، مع توفير كل الإمكانيات الفنية والتنظيمية والمادية لتحقيق النهضة المرتقبة في مستوى قدراتنا و تطلعات شبابنا، سواء كانوا من الممارسين أو من المتابعين والمشجعين العاشقين لرياضة لم تعد مجرد لعبة عند الآخرين لأنها تساهم في التعبير عن الذات وتحقيق انتصارات ترفع المعنويات وتزيد من اعتزاز الشباب بوطنه على غرار باقي الرياضات، و مجالات أخرى عديدة تحتاج الى نهضة فكرية وعلمية وثقافية واقتصادية واجتماعية، لن تتم إلا بارادة سياسية حقيقية توفر الامكانيات ، وتراقب وتحاسب ، وتكافئ وتعاقب ي نفس الوقت.

أما الارادة السياسية الملموسة اليوم، فيجب أن تظاهي أو تفوق الإرادة الموجودة في بناء المرافق واعادة تأهيل الكثير من الهياكل الرياضية التي طالها الإهمال ، وتصل درجة تكليف مسيرين أكفاء بادارتها وصيانتها، وتشديد الرقابة على المال العام والحرص على تطبيق القوانين التي تداس من طرف أعضاء المكتب الفدرالي ذاتهم خاصة ما تعلق بمخالفة مبدأ ازدواجية المناصب ، وكل اللوائح المسيرة للاتحاديات والرابطات والأندية، التي تبقى في حاجة الى ثورة شاملة ، يتم فيها تجاوز فكرة تكليف شركات وطنية بتمويل الأندية من خلال تقنينها وتنظيمها في إطار دفتر شروط يقود الى احتراف فعلي لبعض الأندية ، خاصة تلك التي تمثل الجزائر في المنافسات القارية والاقليمية.

وأما السعي لاحتضان أكبر عدد من الأحداث الرياضية الإقليمية والجهوية والدولية الحاصل اليوم، الذي يساهم في تشييد المنشآت وإعادة تهيئة المرافق الموجودة وصيانتها، فيجب أن يرافقه استثمار في العنصر البشري المؤهل لادارة الهياكل، وفي تكوين واعادة تأهيل الاطارات الرياضية والمدربين واللاعبين من خلال مراكز التدريب والتكوين ، و يرافقه عمل كبير لولوج الهيئات الكروية الدولية والقارية والسعي للحصول على حق تنظيم الأحداث الرياضية على غرار كأس أمم افريقيا، خاصة دورة 2025 التي يراد لها في الكواليس أن تكون مؤهلة لكأس العالم 2026 ، لكن لعبة الكواليس التي لم نعد نتقنها صنعت الفارق ، وقد تحرمنا من تنظيم دورة 2027 ، بعد أن تبين بأن الاستحقاق لم يعد لم يعد هو العامل الوحيد للإقناع.

الكرة لم تعد مجرد لعبة في حياتنا ، لأنها صارت تمارس على أعلى مستويات ، بعيدا عن الميادين والمدرجات ، لذلك يجب أن نخوضها بكل الطرق والوسائل الممكنة ، ونستخلص الدروس من الاخفاقات ، لنحولها الى محفزات ودوافع لتحقيق الإنجازات الفنية والمعنوية التي تقوم على التقييم والتخطيط وتوفير سبل النجاح لبلد يستحق مكانة أفضل ..

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار