Image

عندما يصبح القائد وطناً

عندما يصبح القائد وطناً

الجزائرالآن _ هل هناك أعظم من الشّهيد الّذي ارتقى بنفسه فوق جميع البشر فضحّى بأغلى ما يملك في سبيل قضيّته الّتي آمن بها و عمل من أجلها ؟
و هل يمكن أن يقال عنه: إنّه مجرّد إنسان عاديّ بعد أن ربط القول بالفعل ، و نذر دمه لتحقيق أهداف سامية ؟
ألا يرتقي الشّهبد إلى مرتبة الملائكة ؟
مهما حاولنا فإنّنا لن نستطيع أن نفي الشّهيد حقّه، و لن تستطيع الكلمات مهما كانت بليغة أن تلمّ بمعنى الشّهادة، أو تصف عظيم فعل الشّهيد.
فكيف إذا كان الشّهيد الّذي نودّ التّحدث عنه هو”الولي مصطفى السّيّد”؟
ذلك العظيم الّذي كان أوّل من فجّر الثّورة الصّحراويّة ضدّ الاستعمار الإسبانيّ ، فقد استطاع هذا الشّاب البطل أن يجمع الشّعب الصّحراويّ تحت لواء الثّورة من أجل إقامة دولة مستقلّة ، بعد أن كان هذا الشّعب مشتّتاً منقسماً ما بين ممارسات قبليّة و عبوديّة و تبعيّة للاستعمار مع انعدام تامّ للسياسة.
هذا الشٌابّ الّذي استشهد في إحدى العمليّات ضدّ التّبعيّة و الذّلّ و هو في ريعان شبابه، استطاع بفكره المتّقد أن يقود شعبه إلى شاطئ الأمان، بعد أن رسم ملامح الدّولة، و وضع أسس الجبهة البوليساريّة ، إذ وحّد المساعي الوطنيّة و جمعها لتكون يداً واحدة في وجه كلّ من يريد الغدر بشعبه و خيانته.
فكر هذا الشّهيد جعله يتحلّى بكفاءات عالية متنوّعة أبدعت كياناً جامعاً لشخصيّات متعدّدة، ربّما ساعد على ذلك دراسته العلوم السّياسيّة الّتي تخرّج منها ليقود الحراك الثّوريّ المسلّح، و يكبّد المحتلّ خسائر فادحة .
فهو إذاً رجل حرب بامتياز، كما أنّه رجل علم و إعلام ، و هو رجل سياسة تمتّع بفراسة جعلته يترك بصمته المميّزة في عالم الإعلام ، هذا وقد كان دبلوماسيّاً بارعاّ و سياسيّاً محنّكاّ ، إذ تمكّن من حشد التّأييد لقضيّة شعبه عن طريق التّواصل مع قادة الحركات المقاومة و حركات التّحرّر كحركة التحرّر الجزائريّة و جبهة التّحرير الفلسطينيّة و غيرهما ، كما تواصل قادة دول و سياسيّين ، و كسب التّحالف معها و المساندة فيما تنوي الثّورة الصّحراويّة القيام به.
هذا وقد أجمع كلّ من عرفه عرف عنه أنّه قامة فريدة مميّزة تمتّع بشخصيّة متواضعة ذكيّة ،آمن بالنّقد الذّاتي و محاسبة النّفس قبل الغير ، تحلّى بشجاعة لا مثيل لها في ساحات المعارك ، و في الاعتراف بالخطأ و محاولة تصحيحه أو تداركه ، أحبّه شعبه بجميع فئاته ،فقد كان الرّفيق المخلص لرفاقه، و الأخ المحبّ لأخواته، و الأب الحنون لكلّ الأطفال الصّحراويّين و الابن البارّ للشّيوخ و العجائز بحسب العارفين له..حسب قول رفيقه الأمين محمّد أحمد
هذا إلى جانب فكره الوقّاد شخصيّته المؤثّرة الّتي جعلته يتربّع على عرش مكانة رفيعة بين رفاقه و عند كبريات الشّخصيّات ، و هذا ما دفع جورج حبش الأمين العامّ الأسبق للجبهة الشّعبيّة لتحرير فلسطين للقول : إنّه وجد نفسه أمام شخصيّة لم يرَ لها مثيلاً لا من قبل و لا من بعد ..معترفاً بأنّ الشّهيد الولي قد سلبه لبّه و جعله يتلعثم في حديثه أمامه .
يضاف إلى ذلك تمتّعه برؤية إستراتيجيّة و نزعة اشتراكيّة مبنيّة على الإيمان بحقّ الشّعب بالتّمتّع بثرواته الّي يجب أن توزّع عليه بشكل عادل.
هذا وقد قاد هذا الشّهيد البطل وفد الجبهة الشّعبيّة لتحرير السّاقية الحمراء و وادي الذهب إلى عدّة مؤتمرات حول العالم قبل أن يستشهد في إحدى العمليّات ضدّ العدوان المغربيّ على شعبه في التّاسع من شهر حزيران عام ألف و تسعمئة و ستّة و سبعين بعد وضعه أسس الإدارة الوطنيّة و إعلانه عن الجمهوريّة الصّحراويّة.
فالرّحمة و الخلود لهذا الشّهيد القائد المفكّر العظيم الّذي سجّل اسمه في صفحات التّاريخ لتكون صفحته مضيئة ، و استشهاده شعلة وقّادة تنير درب شعبه المناضل نحو النّصر تحت شعار آمن به و هو النّصر أو الشّهادة.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار