Image

جماهير الكرة في الجزائر تستحق الأفضل!!

جماهير الكرة في الجزائر تستحق الأفضل!!

الجزائرالآن _الأجواء التي صنعتها الجماهير الجزائرية البارحة بمناسبة نهائي كأس الكونفدرالية الذي توج بها اتحاد العاصمة أمام يانغ أفريكانز التنزاني، تثير فينا مشاعر التقصير في حق عشاق الكرة في الجزائر على كل المستويات رغم وعينا بضرورة توفير كل أسباب الراحة والفرحة و وسائل الاستمتاع بمعشوقتهم ، لما لذلك من تأثير على معنوياتهم ونفوسهم التي وجدت في الكرة متنفسا يخفف عنها متاعب وضغوطات الحياة اليومية، ويجعل منها قوة وطاقة ايجابية يمكن تأطيرها و الاستثمار فيها و تنشئتها على القيم النبيلة من خلال نشاط ترفيهي لم يعد مجرد لعبة تتقاذفها الأرجل و يحضرها عشرات الألاف من المناصرين يسعدون بالفوز ويغضبون للخسارة ، بل تحولت مع الوقت الى أحد أهم عوامل الاستقرار الاجتماعي لشريحة كبيرة من أبناء شعبنا في مرحلة حساسة من أعمارها.

الجمهور الذي توافد على مدرجات ملعب خمسة جويلية البارحة بتلك الأعداد في ظروف مناخية متقلبة منذ الصباح الباكر ، يستحق أن يفرح بانتظام ، أو على الأقل نقدم له عروضا فنية في مستوى شغفه وتطلعاته سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات بالنظر للمواهب الكثيرة التي تزخر بها الكرة الجزائرية التي تعاني من سوء التأطير والتنظيم والتكوين على مستوى الاتحاد والرابطات وعديد الأندية المحترفة والهاوية، فغابت الفرجة والنتائج لسنوات، وغابت البسمة والفرحة على وجوه أنصار لم يبخلوا بدعمهم و تشجيعاتهم ، ولم ينفذ صبرهم أمام كل المهازل التي تشهدها الكرة الجزائرية، وكل الظروف الصعبة يتحملونها في تنقلاتهم مع فرقهم، ودخولهم وجلوسهم وخروجهم من مدرجات الملاعب التي تفتقد غالبيتها لكل شروط الراحة والاستمتاع.

ما شاهدناه البارحة في مباراة اتحاد العاصمة، وقبله في مباريات أندية أخرى و منتخبات وطنية من شغف وحماسة وتعلق بالألوان، لا نجده في عديد البلدان الافريقية والعربية على الأقل، خاصة في ظل غياب نشاطات أخرى فنية وثقافية واجتماعية بامكانها أن تجمع هذا الكم من الجماهير وتحرك فيهم مشاعر الانتماء والاعتزاز والافتخار بنواديهم ومنتخب بلدهم، وتغرس فيهم حب الوطن ، اذا لا يعقل أن تكتفي الأندية الجزائرية بلقب واحد في مسابقة كأس الكونفدرالية على مدى عشرين سنة ، ولا يعقل أن تكتفي بعشر ألقاب قارية على مستوى الأندية، و لقبين قاريين فقط للمنتخب الأول منذ الاستقلال ، مقارنة ببلدان افريقية أخرى لا تملك نفس المهارات والإمكانيات ، ولا حتى الحماسة والعشق الجنوني للكرة من جماهير تفتقد لوسائل الراحة في تنقلاتها، وعند دخولها مدرجات الملاعب، بما في ذلك تلك التي تم تشييدها .

كثيرة هي النوادي والمنتخبات الأفريقية والعربية التي تحلم بذلك الشغف الجماهيري الجزائري وتلك الحماسة ، وتحلم بالمرافق المتوفرة اليوم، لكننا نبقى نأمل في بلوغ درجة الامتياز في التنظيم والتأطير والتكوين، والاستثمار الفعلي في كل القدرات والطاقات التي تفوق بكثير العديد من البلدان التي تسيطر على المشهد الكروي الإفريقي في المسابقات القارية للأندية بفضل نفس النوادي التي صارت تملك تقاليد كروية ، في وقت لا يزال اهتمام أنديتنا منصب على تفاهات وتفاصيل، واتحاديتنا غارقة في تراجع رهيب وفضائح لا تعد ولا تحصى ، عوض التفكير في مشروع كروي يساهم في تطوير المنظومة الكروية ، لتكون في مستوى تطلعات اللاعبين و المدربين والمسيرين، والجماهير التي تستحق منا رد الجميل على صبرها وشغفها وتعلقها بنواديها ومنتخبها.

الجماهير الكروية التي شاهدناها البارحة في ملعب خمسة جويلية ، هي نفسها التي تحملت مرارة الإقصاء من مونديال قطر، و تجرعت سلسلة اخفاقات متتالية لكل المنتخبات في الفترة الأخيرة، وهي نفسها التي تعاني كل أسبوع لأجل حضور مباريات الدوري المحلي الذي يشهد ممارسات لا رياضية ولا أخلاقية ، تزيد من حدة التذمر ، وتقتل في نفوس أولادنا كل القيم التي نسعى الى زرعها في الأجيال الصاعدة حتى تكبر على تقدير الجهد و الجدارة والامتياز، ونسعى الى اسعادها كل مرة، أو على الأقل نوفر لها وسائل الراحة والترفيه ، وشروط الفرجة في المدرجات و فوق أرضية الميدان، حتى تقوم بدورها في بلد يستحق جمهوره أن يفرح ويسعد ويتنفس الفوز ويتجاوز مرارة الإقصاء والإخفاق في كل مجالات الحياة وليس فقط في الكرة والرياضة عموما.

الأمر يحتاج وقفة وعناية واهتمام كبير من السلطات العمومية بكل مؤسساتها ، وتجاوبا من هيئات رياضية ومسيرين و مجتمع مدني ، ولجان أنصار، تنخرط في منظومة تستثمر في قدراتنا الكبيرة في صناعة الفوز لرياضيينا و نوادينا ومنتخباتنا، ورسم البسمة على وجوه أبنائنا الذين تحملوا الكثير ، ويستحقون الاهتمام الكبير لأن ذلك من واجبنا ومن حقهم أيضا.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار