Image

درنة مدينة النكبات المتتالية

درنة مدينة النكبات المتتالية

الجزائر الآن _هبت الدول العربية لنجدة مدينة درنة وجوارها وشاهدنا طائرات الهليوكبتر الجزائرية وهي تنتشل الاشخاص والطائرات المحملة بالمؤن والمعدات والطواقم الطبية والفنية لمعالجة الموقف الصعب.. الشوارع تغص بالجثث فيما حملت السيول معها الاف المفقودين وبنايات ومنشآت الى البحر.
لدرنة حكاية خاصة واستثنائية تلخص مأساة التهميش والضياع بين مخالب الارهاب والفوضى.. تقع المدينة في الجزء الشرقي من إقليم برقة، على بعد 350 كيلو متراً شرق بنغازي، وهي مختلفة عن بقية مدن ليبيا بتركيبتها الديمغرافية المتنوعة وحيث ان جزءا كبيرا من سكانها ينحدرون من أصول اندلسية مما أعطاها تميزا خاصا بل لعل تأسيسها الحديث كان على أيدي الاندلسيين الذين نزحوا عام 1493 وأسسوا فيها ميناء أصبح حيويا فيما بعد فكانت منارة حضارية بارزة اطلق عليها الليبيون مدينة “الحضور” وفيها تأسس المسرح الليبي وشتى مجالات الفنون والعلوم والسياسة التي جلبوا أصولها من الاندلس كما اشتهرت بالزراعة وجلب المياه من العيون القريبة.. وعلى صعيد آخر تميزت مدينة درنة ببعد روحي حيث دفن فيها عدد من الصحابة الفاتحين رضوان الله عليهم ولذا سميت مدينة الصحابة وبالقرب من مدفنهم بني مسجد الصحابة والذي تضرر كثيرا جراء السيول الاخيرة.
مسألة السيول قديمة قدم المدينة وهي دوما تمثل الرعب والكابوس لاهل المدينة فهي تقع على ضفاف وادي سمي باسمها وادي درنة الامر الذي دعا الليبيين لبناء سدين على الوادي لحجز الكميات الهائلة من المياه وقت الفيضان واستغلالها في الزراعة.. ولقد انهار هذان السدان في ظرف ساعة واحدة فجر الأحد الماضي وجرفا أكثر من ربع المدينة الى البحر.
مدينة النكبات:
صحيح أن نكبة السيول الأخيرة التي أصيبت بها المدينة أكبر فاجعة في تاريخها الحديث، لكنها تجيء في سلسلة نكبات مختلفة ضربت المدينة في العقود الثلاثة الاخيرة كانت الاولى بانتشار الحركات المتطرفة في بداية التسعينات في مواجهة نظام العقيد القذافي الذي عاقبها بالاهمال والتهميش لعقدين من الزمن ضربا دورها الثقافي بل وكان اهمال صيانة للسدين حيث لم يحصل لهما أي نوع صيانة منذ 2002
وكانت النكبة الثانية بعد سقوط نظام العقيد عندما انتشر فيها تنظيم داعش والقاعدة باعداد ضخمة وبسلاح اكثر ، بقيادة عناصر خارجية شديدة التطرف أبرزها المصري هشام عشماوي، الذي قبض عليه الجيش في المدينة بعد مواجهات دامية عام 2018.. وكان للمواجهات أثار عميقة ليس فقط على عدد الضحايا بل وأيضا على النسيج الاحتماعي لمدينة كانت درة المدن الليبية
جاءت النكبة الثالثة الحالية فيما المدينة المهملة مستسلمة لحالة السكون التنموي وللفوضى السياسية التي تعم البلاد ولانغماس الطبقة السياسية الجديدة في الصراع والمكاسب.. لم يتم صيانة السدود منذ فترة طويلة تجاوزت المسموح به.. فجاء الاعصار والمياه التي كسرت حاجز السدين ليحدث في المدينة ما نقلته وسائل الاعلام على تنوعها.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار