Image

محمد بوعزارة يكتب : نحن لن ننساكم إخوتنا في ليبيا

محمد بوعزارة يكتب : نحن لن ننساكم إخوتنا في ليبيا

الجزائر الآن _ استعادت ذاكرتي هذه الأمسية و أنا أتابع بحسرة بعد مرور اسبوع كامل نتائج الكارثة التي أصابت أشقاءنا في ليبيا و خاصة في مدينة درنة من جراء العاصفة الهوجاء التي اودت بحياة آلاف المواطنين الليبيين بعض القصص المؤثرة التي رواها لي الأستاذ محمد الصالح الصديق مسؤول الإعلام أثناء الثورة في طرابلس منذ خمسةأعوام مضت و نشرتها آنذاك بجريدةالحوار،فقد استعدت تلك القصص و أنا أتابع بعض الحوارات التي دارت بين رجال الإنقاذ من أبناء الجزائر و هم يواجهون أهوال البحر العاتية و كلهم عزم و حماس لإيمانهم بما يربطهم من اواصر مع أشقائهم الليبيين و هم يخرجون عشرات المواطنين الذين ابتلعهم البحر.
القصة الأولى حدثت في شتاء 1961 فعند خروجه من مكتبه بالعاصمة الليبية طرابلس لاحظ الأستاذ محمد الصالح الصديق أمام المبنى شيخا أعمى هرما بثياب بالية وهو يرتعش من البرد الشديدو ويمد يده للحصول على المال من المارة، ولكن الأستاذ محمد الصالح فوجئ في نفس أمسية ذلك اليوم، وهو يتوجه لمكتب دعم الثورة الجزائرية بطرابلس، أن نفس الشيخ البصير جاء رفقة طفل صغير وهو يحمل معه كيسا من الفلوس، حيث تبرع بها للثورة الجزائرية، وعندها تدخل الأستاذ محمد الصالح قائلا لذلك الشيخ: يا حاج أنت من تحتاج المساعدة، لكن ذلك الشيخ راح يقول له بكبرياء أو تمنعني من مساعدة أشقائي المجاهدين في الجزائر الحبيبة.

أما القصة الثانية فهي تتمثل في تكليف أحد المجاهدين بإيصال كميات من السلاح إلى مركز لجنود جيش التحرير بالحدود الجزائرية الليبية، وتم تحديد المدة بساعات معدودة، و أثناء عبور ذلك المجاهد وهو يسوق سيارته بسرعة فائقة صدم بسيارته طفلا صغيرا في إحدى البلدات الليبية، مما أدى إلى وفاة الطفل على الفور، حيث كان الطفل الوحيد لدى والديه، و عندما هب أعمامه وأخواله وكل عشيرته في تلك البلدة لقتل صاحب السيارة، إذا بوالد الطفل ينتبه إلى وجود العلم الوطني الجزائري داخل تلك السيارة، فراح يسأل السائق بخشونة ما هذا، فأجابه السائق برعب وقد رأى الناس يحيطون به وأسلحتهم مصوبة نحوه لقتله، هذا علم الجزائر، وهذا السلاح موجه للمجاهدين الجزائريين، وقد كلفتُ بإيصاله لهم بسرعة كي لا يكتشف أمري، وعندها راح والد الطفل يهلل: الله أكبر ..الله أكبر ..ابني شهيد من شهداء الجزائر .. وأمر مَن جاؤوا لقتل الرجل بالابتعاد عنه و إخلاء سبيله.
و لما علم مسؤول الثورة الجزائرية بليبيا في تلك الفترة، المجاهد أحمد بودة رحمه الله، بما وقع ذهب رفقة الأستاذ محمد الصالح، إلى تلك البلدة لتعزية والد الطفل القتيل في ابنه، ثم راح يقدم له الديّة بقيمة عشرة ملايين، ولكن والد الطفل راح يقول لوفد جبهة التحرير الوطني: والله لن آخذ سنتيما واحدا، شرفي أن ابني شهيدٌ من شهداء الجزائر.

أما القصة الثالثة فقد سبق لي أن رويتها لكم و لكنني افضل أن اعيدها، فخلال إقامة أسبوع دعم ومساندة الثورة الجزائرية بليبيا من قبل اللجان الليبية ،صادف أن سيدة ليبية كانت تزف كعروس في حفل بهيج، وكانت تلك العروس تركب هودجا يطوف بها أحد الشوارع الذي كان يتجمع به الناس لتقديم تبرعاتهم للثورة الجزائرية، فأبت تلك العروس الليبية، وهي تشاهد ذلك المشهد التضامني الليبي مع الثورة الجزائرية، إلا أن تنزع كل حليها من ذهب لتتبرع بها للثورة الجزائرية. وعندما حاول بعض أقاربها أن تتبرع فقط بجزء من تلك الحلي، أقسمت بأنها ستتبرع بكل ذهبها للجزائر الثائرة.

هذه هي ليبيا الشقيقة الجريحة التي كانت معنا بالأمس و التي لا يجب أن ننساها اليوم مثلها مثل مختلف الدول العربية و غير العربية التي وقفت معنا.
قلوبنا معكم أحبتنا أشقاءنا في ليبيا.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار