Image

الافتتاحية ..بين تهديدات أكتوبر 2017 وقرارات أكتوبر 2023 ..ماهي كلمة السر التي إستعملها الرئيس تبون ؟..إليكم هذه المعطيات

الافتتاحية ..بين  تهديدات أكتوبر 2017 وقرارات  أكتوبر 2023 ..ماهي كلمة السر التي إستعملها الرئيس تبون ؟..إليكم هذه المعطيات

■ مقارنة تستحق القراءة و التركيز والتحليل

الجزائر الآن ـ في شهر سبتمبر من سنة 2017 خاطب  أحمد أويحي الذي كان يشغل أنذاك منصب وزيرا أولا في حكومة الرئيس السابق المرحوم  عبد العزيز بوتفليقة نواب الشعب بتلك الجملة الشهيرة التي بقيت مسجلة بإسمه لحد الآن :الله غالب الموس لحق للعظم ..طبع النقوذ أو لا أجور للعمال شهر أكتوبر  القادم  “.

وبتاريخ 25 أكتوبر 2023 ترأس السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إجتماعا خاصا بدراسة ومناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2024 .

وقد لاحظت كما لا حظ غيري القرارات الهامة التي إتخذها السيد الرئيس بهذا الإجتماع.

لكن الملاحظة الأهم كانت تتمثل أولا في النقطة الثانية من بيان مجلس الوزراء والتي تنص على التالي :

_  إدراج الزيادات في الأجور التي تم إقرارها خلال اجتماعات سابقة لمجلس الوزراء، منذ العام 2022 بهدف الوصول إلى تنفيذ التزام السيد الرئيس ببلوغ زيادات تصل إلى 47 بالمائة في 2024، مع احتساب الأثر المالي المترتب عن مراجعة القوانين الأساسية لقطاعات الصحة والتربية والتعليم العالي.

بمعنى أن الجزائر إنتقلت من مرحلة عدم تمكنها من تسديد أجور عمالها بالوظيف العمومي لشهر أكتوبر 2017 إلى زيادات في أجور عمال الوظيف العمومي تصل إلى 47 بالمائة في جانفي  2024 .والإعلان عن القرار جاء في أكتوبر 2023  .

بل الأكثر من ذلك مراجعة القوانين الأساسية لثلاثة قطاعات أساسية هي الصحة و التربية والتعليم .

بمعنى حسب فهمي البسيط  من خزينة جزائرية فارغة  أنهكها ما أنهكها سنة 2017 لم تجد بديلا كمرحلة أولى إلا طبع النقوذ قبل الذهاب طبعا في المرحلة الثانية للإستدانة ـ وبالتالي وضع رقبة الجزائر تحت رحمة سكين الأفامي أو البنك العالمي أو غيرهما ـ   إلى الزيادات في أجور العمال بما يقارب ال50 بالمائة في مدة زمنية لا تتراوح 3 سنوات و أشهر.

و الأكثر من ذلك إقرار قوانين أساسية لقطاعات حساسة ومهمة بالوظيف العمومي وهو مطلب هذه الفئات  منذ سنوات . 

  ■  تغير السياسيات يغير الأولويات و النتيجة تغير الذهنيات وبالتالي الممارسات  

بمعنى أننا فعلا إنتقلنا من الجزائر التي كانت الأولوية فيها حصول  عدد معين من رجال الأعمال على أموال الشعب على شكل قروض لا تسترد و تضخيم فواتير الإستيراد لتهريب المال العام خارج الوطن إلى أولوية حصول البطال الجزائري على راتب شهري يقدر تقريبا ب 100 دولار شهريا و زيادات في منح عدد لا بأس به من فئات المجتع وزيادة في أجور العمال عام بعد عام .

بمعنى من عهد الجزائر المهددة بالإفلاس و ليس أمامها من حل سوى طبع النقود أو الإستدانة إلى عهد الجزائر يبلغ فيها إحتياطي الصرف 75 مليار دولار وبإحتساب إحتياطي الذهب 85 مليار دولار ،فيها زيادات الأجور للطلبة والعمال وذوي الإحتياجات الخاصة .

و الأكثر من ذلك راتب شهري للبطالين في سابقة لم تعهدها أي دولة بالمنطقة ولا إفريقيا  بأكملها.

هذه مقارنة بسيطة بالأرقام والوقائع بين الجزائر أكتوبر 2017 و الجزائر أكتوبر 2023 .

بمعنى أصح بين الجزائر القديمة و الجزائر الجديدة 

هنا قد يقول قائلا بأن إرتفاع برميل النفط هو العامل الحاسم في هذه الأرقام.

وهنا وجب علينا التنويه إلى الملاحظات التالية :

1 ـ  علينا أولا أن نتعلم قراءة الأرقام بعيدا عن أي تفلسف أو كذب أو تشويه أو مزايدات أو حتى عواطف و حسابات سياسية أو  حزبية  أو إيديلوجية لأن الأرقام لا تكذب وهي أرقام   .

و بالتالي وجب على قائلي هذا الطرح أن يعترفوا للرئيس الحالي السيد عبد المجيد تبون بأنه إستطاع المحافظة على المال العام ومنعه من أي تبذير أو إختلاس أو تهريب كما كان سابقا ـ  طبعا بما إستطاع ـ  وهذا في حد ذاته إنجاز يحسب للرئيس تبون الذي وصل في آخر شهر من عام 2019 للحكم و تعرض لوعكة صحية دامت أشهر و كانت حقبته ضحية تفشي فيروس كورونا تجاوزت فترتها العامين، ما يعني في حقيقة الأمر أن الرئيس تبون عمله الحقيقي والفعلي في المجال الإقتصادي تحديدا بدأ  منذ جانفي 2023.

خاصة وأن الرئيس وجد أمامه بقايا حراك محرك من الحراك المبارك  .كان لابد له أن يتعامل معه بذكاء وفطنة ودهاء و أخيرا  بحزم. كما كان الحال في تعامله على سبيل المثال لا الحصر مع الملف الفرنسي و رئيسه ماكرون .

2 ـ  يحسب للرئيس تبون أنه إستطاع و لو تدريجيا أن يحول ذهن المعامل الإقتصادي الجزائري ـ ليس كل المتعاملين الإقتصاديين طبعا ـ   من متعامل إقتصادي يبحث على الريع و الربح السريع عن طريق الإستيراد و تضخيم الفواتير و الغش في المعاملات التجارية مع المؤسسات المالية  إلى متعامل إقتصادي أصبح يبحث على الإنتاج ثم يبحث عن  الذهاب نحو الإستيراد تماشيا مع سياسيات الدولة الجديدة التي أقرها الرئيس . وهو ما بدأ يعطي ثماره من خلال الرقم المعلن عنه 7 ملايير دولار تصدير عام 2022 مع هدف 13 مليار دولار عام 2023.

وهنا وجب أن أشير إلى ملاحظتين : 

الأولى : إن تمكنت الجزائر من تخطي رقم 10 مليار دولار صادرات عام 2023 فهذا إنجاز تاريخي غير مسبوق.

أما وصول مبلغ 13 مليار دولار فوجب تكريم كل القائمين على هذا الإنجاز و أولهم طبعا الرئيس تبون  .

الثانية : أعلم من خلال حديثي  مع عدد من المتابعين لهذا الملف تحديدا   بأن هناك تشكيك في هذا الرقم ـ أي رقم 7 مليار دولار صادرات الجزائر لعام 2022 ـ  .لذلك أتمنى أن يعطي  السيد الرئيس تبون تعليماته  لوزير التجارة الطيب زيتوني لنشر كل الأرقام والبينات التفصيلية التي تخص هذا الرقم المحقق لعام 2022 .و ذلك حتى تطمأن قلوب المشكيكين ويرفع أي لبس  و تشكيك عند الحديث عن هذا الإنجاز الغير مسبوق  .

3 ـ السياسية المتبعة و الرؤية الصائبة للرئيس تبون في مجال المحروقات: مكنت البلاد من المحافظة على العملة الصعبة بل وإدخال العملة الصعبة للخزينة العمومية من عمليات تصدير بعض الصناعات التحويلية للمشتقات البترولية التي كانت في الحقبة الفارطة تباع مادة خام ،  بعدما أعطى الرئيس  أوامر صارمة للقائمين على القطاع بضرورة التوجه نحو  تحويل المواد الخام  البترولية إلى منتوجات صناعية بترولية وعدم الإكتفاء ببيعها مادة خام في الأسواق الدولية و التوقف في مرحلة أولى  عن إستيرادها  لتوفير العملة الصعبة ثم كمرحلة ثانية  ضرورة الذهاب نحو  تصديرها وهي مصنعة .وهو ما كانت نتائجه أكثر من مبهرة في هذا القطاع والذي حسب علمي مكن الخزينة العمومية من توفير مبلغ 2.6 مليار دولار وهو مبلغ ليس بالهين هذا طبعا  زيادة على الحكمة والرزانة  التي تعامل بها الرئيس مع ملف  أنبوب الغاز المتجه نحو إسبانيا وقراره بالتوجه نحو إيطاليا كبديل إختياري في هذا القطاع.

وهي كلها قرارات صائبة ساهمت في مداخيل البلاد من العملة الصعبة .

كما كانت لتوجيهات الرئيس بضرورة رفع إنتاج الجزائر من قدراتها الإنتاجية للغاز و الإستكشافات  التي حصلت في مجال النفط كلها قدرات ساهمت في هذه النتائج في قطاع المحروقات    .

4 ـ الأمن المائي للجزائر تضع الجزائر الأولى إفريقيا و الثانية عربيا : قرار السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتسطير برنامج غير مسبوق لتحقيق الأمن المائي للبلاد سيسجله له التاريخ، لأن الجزائر ستتحول بعد إنجاز محطات تحلية المياه الخمس الأولى إفريقيا و الثانية عربيا و ذلك بطاقة إ جمالية تقدر ب 3.7 مليون متر مكعب يوميا و ستسمح بإنتقال مساهمة محطات محطات تحلية مياه البحر عبر الساحل الجزائري من حوالي 17 بالمائة حاليا إلى 42 بالمائة أواخر 2024 .

ويعتبر القرار تاريخيا خاصة وأنه يأتي كخطوة إستباقية لسد الإحتياجات المائية مستقبلا أي للأجيال القادمة. ما يسمح للجزائر ضمان تموين المواطنيين بالماء الشروب .

وعندما نتحدث عن هذه المشاريع الغير مسبوقة لتحقيق الأمن المائي وجب التنويه أنه يتم إنجاز هذه المحطات من طرف مؤسسة سوناطراك الجزائرية. وهو ما يحسب أيضا للرئيس تبون كون إنجاز هذه المشاريع الكبرى من طرف مؤسسات وطنية يمنع أيضا نزيف العملة الصعبة من جهة ويرفع من خبرات المؤسسات الجزائرية من جهة أخرى ما يفتح الباب أمامها للبحث عن أسواق خارجية في مرحلة قادمة. وهو الأمر الذي يعود بالفائدة على المؤسسات الوطنية خصوصا و اقتصاد الجزائري عموما .

5 ـ الإنتهاء من إنجاز ملاعب عالمية  بمكاتب دراسات جزائرية  وفي مدة قصيرة: يحسب للرئيس تبون الإنتهاء من إنجاز الملاعب العالمية  في كل من وهران و الجزائر العاصمة و تيزي وزو و إقرار أخرى في كل من بشار وورقلة وسطيف وقسنطينة .

ومن دون شك فإن الإنجاز المحقق يكمن تحديدا في إكمال هذه التحف العالمية التي كاد الشباب الجزائري أن يتبخر حلمه في رؤيتها والتمتع بها و الإفتخار بها أمام البلدان .

والمفاجأة أن هذه الملاعب العالمية التي أصبح الأشقاء بالمملكة المغربية يسرقون صورها وينسبونها لبلدهم، كان لها الأثر النفسي الفعال على الشباب الجزائري و استرجاعه للثقة بنفسه و قدرته على الإنجاز من جهة .و كان لها الأثر البالغ الذي ستجني الجزائر ثمارها لا حقا بعد الخبرة التي حصلت عليها مكاتب الدراسات الجزائرية التي أشرفت على هذه الملاعب العالمية من جهة أخرى .

وستشرف أيضا هذه مكاتب الدراسات الجزائرية أو أخرى  على الملاعب التي ستشيد لاحقا .ما مكن الجزائر من المحافظة أيضا على العملة الصعبة بخزينتها .

ونضيف ذات الملاحظة أنه سيكون بإمكان مكاتب الدراسات هاته الجزائرية ولوج الأسواق الدولية مستعينة من الخبرات و الإنجازات التي حققتها في تشييد ملاعب عالمية بالجزائر .

و الأهم من كل هذا أننا  خرجنا من عهد الجزائر التي تحلم بإنجاز  ملاعب  عالمية تستنزف  مئات الملايين من  الدولارات دون أن ترى النور لسنوات طويلة  إلى عهد الجزائر إنجاز  ملاعب عالمية في مدة وجيزة وتخطط  لإنجاز  أخرى بسواعد ومكاتب دراسات جزائرية وهو أمر كان في عهد الجزائر القديمة حلم ليحوله الرئيس تبون في عهده إلى حقيقة .و بالتالي هذه هي الحقيقة .

كما يجدر بنا الإشارة إلى أوامر   الرئيس بتسجيل إنجاز 250 ألف وحدة سكنية جديدة، 100 ألف منها بصيغة السكن الاجتماعي الإيجاري و150 ألف بصيغة الإعانات الريفية، تكملة لالتزام السيد رئيس الجمهورية بإنجاز مليون وحدة سكنية ما بين 2020-2024.

■ نقطة سر الرئيس تبون

نقطة السر : نقطة السر في سياسية السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أنه بنى سياسيته الإقتصادية لتحقيق برنامجه على نقطة سر أصبحت واضحة لدى أهل الإختصاص وهي:  العمل على إدخال العملة الصعبة للبلاد  و ليس إخراجها ، خلافا لما كان عليه الأمر في السياسيات السابقة التي جعلت ال حسب تصريح مسؤوليها لا يمكنها أن تسدد أجور عمالها لشهر أكتوبر  2017 ، وهي ذات نقطة السر التي مكنت السيد الرئيس في شهر أكتوبر 2023  من إقرار زيادات في أجور العمال وصلت إلى إلى  47 بالمائة و زيادات في المنح للطلبة الجامعيين و عدد من فئات المجتمع منهم ذوي الإحتياجات الخاصة و إقرار قوانيين أساسية تترتب عنها أغلفة مالية كبيرة و الأكثر من ذلك إقراره لأول مرة في تاريخ الجزائر راتب شهري للبطاليين   .

نقطة السر أيضا تكمن في ثقة الرئيس تبون في الكفاءات الجزائرية ودعمها على تحقيق الإنجاز وبالتالي الهدف . لا وضع العراقيل أمامها و تكسيرها ثم تحطيمها نهائيا  بهدف جلب الأجنبي ليستنزف الخزينة العمومية  مرتديا قبعة الكفاءة و الخبرة والمعرفة أما الهدف الحقيقي فهو إستنزاف العملة الصعبة و تفريغ الخزينة العمومية وفقط .

طبعا لسنا من أولئك الذين يقولون بأن الرئيس تبون نجح في كل الملفات التي فتحها ،  لأن هذا يعتبر ضربا من ضروب الخيال وبعيدا عن الواقع  ،بل نعتبر بأن الرهان الإقتصادي و النجاح فيه من أهم الرهانات التي تنتظر رئيسا نجح من نقل الجزائر التي لا تستطيع أن تسدد أجور عمالها أواخر 2017  إلى الجزائر تقر الزيادات لهم بما يقارب تقريبا النصف مع الشهر الأول لعام  2024  ،ما يجعلنا فعلا نستطيع القول دون عقدة، بأننا إنتقلنا من الجزائر القديمة إلى الجزائر الجديدة  ، لكننا ننتظر أيضا أن تكون ذات الإنجازات خاصة  في  المجالات الإنتاجية و تحديدا المجالين الفلاحي والصناعي .

و هما المجالين الذين أعلم علم اليقين بأن الرئيس تبون يمتلك تصورا واضحا بخصوصهما و ذلك اولا : 

■  لتحقيق الأمن الغذائي في المجال  الأول.

■  وتحقيق طفرة ملموسة في القطاع الثاني.

 لكنني أعتقد بأن الرئيس تبون  لازال لم يتمكن لحد الآن من إيجاد  المسؤوليين المناسبين لتحقيق رؤيته في هاذين القطاعين . وبالتالي النتائج المطلوبة ، هذا من جهة.

ومن جهة ثانية أعتقد بأن الرئيس تبون لديه أولويات فرضت نفسها لوضع البلاد على السكة الأمنية أولا  و  السياسية ثانيا  والتشريعية ثالثا ثم الآن  الإقتصادية رابعا  .

وقد تكون البداية من المشروع القطري لإنتاج الحليب بالجلفة ، لأننا في  أمس الحاجة لمثل هكذا مشاريع عملاقة تضمن لنا الإكتفاء الذاتي في إنتاج هذه المادة الحيوية و كذلك القمح بنوعيه ثم بعد ذلك نذهب لمواد  أخرى .

ومن جهة ثالثة كان لعامل الجفاف الذي مس عديد المناطق بالبلاد سببا  لا يجب تجاهله ، خاصة وأننا  نعتمد لحد الآن على فلاحة تقليدية في معظم الولايات بإستثناء إستثمارات قليلة من طرف بعض المتعاملين .

 أعتقد بأن السيد الرئيس عبد المجيد تبون  هذه المرة وجد أيضا نقطة السر لهذين القاطعين وخاصة قطاع الفلاحة والإنطلاقة قد تكون من المشروع القطري بولاية الجلفة الذي بإمكانه أن يحول الجزائر من مستورد لمادة الحليب إلى مصدر لها ما يخيف الكثبر و الكثير. خاصة وأنه سيجلب العملة الصعبة للجزائر ولا يستنزفها كما يريد الجميع المعني بكلامنا هذا .

  و أن تحقق ذلك مع مادة الحليب وفيما بعد على سبيل المثال مع مادة القمح بنوعيه   بإمكاننا القول بأن القادم أفضل  ولكل مقام مقال .

وكل هذا تحقق بفضل كلمة السر التي عرفها وطبقها الرئيس تبون

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار