Image

بين متعة المطالعة الورقية وصعوبة القراءة الإلكترونية…الكتاب نحو الزوال

بين متعة المطالعة الورقية وصعوبة القراءة الإلكترونية…الكتاب نحو الزوال

الجزائرالآن _البعض يقول إنه يبقى للكتاب الورقي سحره الخاص الذي لا يعوضه أي شيئ أخر فالورق والكلمات التي تكاد أن نتحسسها بأصابعنا ونحن نقلب الصفحات الواحدة تلوى الأخرى متعة لا مثيل لها الأمر شبيه عند القارئ الذي تعود على مطالعة الكتب الورقية بأسلوب معين يتخذه في حياته اليومية ولا يستطيع بعد مدة من التعود عليه أن يجرب أسلوبا أخر زيادة على ذلك تعترض الكثيرين مشكلة القراءة على الأجهزة الإلكترونية على إختلافاتها سواء كانت عبارة عن أجهزة كمبيوتر أو هواتف نقالة أو أجهزة لوحية فالقراءة على الشاشة الحاسوب قد تتسبب مضرة للعين إن تم التحديق بها لوقت طويل

الكتاب الإلكتروني يثري ويوسع دائرة الإهتمام بالقراءة ولكنه لم يرق بعد ليكون بديلا للكتاب الورقي وهذا ما نعيشه واقعا حاليا لكن مستقبلا من يدري؟ربما ستتغير الظروف وتنقلب المعادلة خاصة مع توفر الأجهزة الذكية وتسارع وتيرة تطورها

منذ إختراع الكتابة قبل 3200 قبل الميلاد ومنذ أن إكتشف الصينيون الورق أصبح للكتاب دوره المرجعي في التقدم والتطور لدى أي شعب يريد أن ينأى بنفسه عن السيرورة المتواترة التي يسير عليها الكون،ليصنع لنفسه إسما في التاريخ البشري عن طريق تحضره وإستمالته لأبجديات التطور التي بلا شك يعتبر الكتاب أحد أبرز مكوناتها،غير أنه في السنوات الأخيرة زحفت التكنولوجيا على إختراع الصينين الذي صمد في وجه الزمن لقرون عدة، ليتحول الكتاب من مجموعة من الورقات المملوءة بالحبر إلى أشكال رقمية تحقق ألاف من تلك الصفحات بل الألاف من تلك الكتب في إختراع بشري يعد الأبرز،الأسرع والأضخم…إنه الأنترنت

ليس صحيحا ما يقال إن عمليات طبع الكتب تراجعت بسبب التكنولوجيا بل ربما إزدادت وإزدادت أضعافا ما كانت عليه في السابق،غير أن السؤال الذي يجب طرحه لتحليل المكانة الحقيقية التي يحتلها الكتاب الورقي،هل تضاعف طبع الكتب الورق؟ذلك من دون شك لم يحصل بل الأصح أنه تراجع وتراجعه هذا مرده بشكل كبير إلى الطفرة التي عرفتها التكنولوجيا الرقمية التي سمحت بتواجد الكتاب على أشكال عدة يمكن قراءتها ومطالعتها من دون الحاجة لتقليب الأوراق ولا إلى حملها بل وربما حتى عدم شرائها…

وعلى الرغم من أن الكتاب الورقي لا زال له حضوره الذي يميزه،إلا أن إتاحته إلكترونيا سهل على الكثيرين الحصول عليه خصوصا لدى الذين يجدون صعوبة في الحصول عليه ورقيا سواء بسبب عدم وجوده أو بسبب غلائه وتعمل الكثير من الشركات المتخصصة اليوم في إتاحة الكتب إلكترونيا من خلال تحويل الكتب الورقية إلى كتب إلكترونية مع حفظ حقوق أصحابها أو نشر كتب إلكترونية مباشرة للقارئ من دون أن تنشر ورقيا،ولكن مثل هكذا شركات قليلة في الوطن العربي وتحسب على أصابع اليد الواحدة زيادة على أن هناك إهتماما خاصا بالكتاب الإلكتروني بدأ يظهر وإن بشكل محتشم وذلك من خلال المعارض وصالونات الكتاب ،ولكن المشهور والمتداول بكثرة عبر مواقع الأنترنت هو قرصنة الكتب الورقية بتحويلها لصيغ إلكترونية وإتاحتها مجانا على النت،مع ما تعرفه هذه الطريقة من ضياع لحقوق المؤلف ودور النشر وغيرها،وهي الطريقة التي تستهوي الكثيرين بل ويذهب البعض إلى الدفاع عنها حتى مع الإعتراف بوجود أضرار للغير والذين يؤيدون هذه الطريقة يقولون بلا ملكية للحقوق الفكرية في ظل عالم يشهد تناقلا سريعا للمعلومات ويعتبر محاولة للوقوف في وجه تدفقها إعاقة للتطور

الأكيد أن الكتاب الإلكتروني سيفتح مفهموما جديدا لمعنى الكتاب،ليس فقط بسبب إنه إلكتروني بل لأنه يختلف تماما عن كونه كتابا،هناك مفارقة كبيرة في الموضوع إن تحدثت لأحدهم عن الكتاب من غير جيل اليوم الذي نما على غير التسارع الشديد الذي يشهده العالم ستنطبق كلمة “كتاب” مع ما في ذهنه من صور تقنية لهذا الشيئ،غلاف ومجموعة من الورقات التي تلتصق ببعضها البعض وتحمل داخلها كلمات مطبوعة في الغائب بلون أسود،أما إن وجهت حديثك لأحد ما من جيل اليوم وأصبغت كلماتك بذكرك للمعنى التقني للكتاب فستكون الصورة التي ستلتصق بالكلمة بلا شك هي صورة تقنية خالصة لشيئ يتم تحميله من النت وفتحه،وهي الصورة البعيدة نوعا ما عن معنى الكتاب الحقيقي ولكن بالفعل هي صورة صحيحة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار هذا التقزم للعالم الواسع داخل جهاز كمبيوتر،فهل ستتحول صورة الكتاب عن معناها أم هي مجرد نقلة لا بد من مسايرة للتقدم التكنولوجي الذي يغير من كل شيئ

لكن هذه الإشكالية سهل الخروج منها مع الزمن والذي يجب أن يعرف هو لماذا يظن الكثيرون أن الكتاب الورقي سيختفي مع الزمن ولن يصبح سوى مجرد تحف فنية لا أكثر

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار