Image

حتى لا تستجير أفريقيا من الرمضاء بالنار

حتى لا تستجير أفريقيا من الرمضاء بالنار

الجزائرالآن _بالأمس وأنا أتابع برنامج “مقابلة” من تلفزيون الجزيرة القطرية مع الرئيس السنغالي ماكي سال لفت انتباهي في مابين كلماته معاني أخرى وظهرت رؤوس المعضلات العميقة في افريقيا والتي ليس من السهل الجزم بسرعة التغلب عليها.

شهدت افريقيا ابشع صور العدوان الغربي فلقد حولها الاستعماريون الى منجم للعبيد يتاجرون بالبشر في اسواق امريكا واوربا يغيرون دينهم ويفرقون بين الاسرة الواحدة ويقتلونهم بالجملة في رحلات الموت والاستجلاب.. ثم تطور الوضع الى واقع استعماري شمل كل افريقيا من قبل دول الاستعمار الانجليزي والفرنسي وارتكب الاستعمار صورا من الجريمة تندى جبين البشرية وبعد الاستقلال الشكلي استمرت الدول الاستعمارية في نهجها الاستعلائي مستحوذة على كل الخيرات ملقية السكان الاصليين الى هامش الحياة جوعا وفقرا وجهلا..

في دول غرب افريقيا غالبية مطلقة للمسلمين والمرتبطين تاريخيا بالطرق الصوفية العربية في شمال افريقيا وقد عملت هذه الطرق بقوة على الحفاظ على الانتماء واستمرار حفظ القران والانتماء التاريخي للاسلام وللجانب الروحي نحو العرب الا ان هذا ليس بكاف في مواجهة منهجية مبرمجة استعمارية تجعل من ضمن ضمانات نجاحها ابعاد الناس عن عناصر المقاومة الذاتية وهي اللغة والدين.

ومن هنا وجدنا زعماء غرب افريقيا -حتى لو ارادوا التخلص من الهيمنة الفرنسية او على الاقل ان يكونوا بدول مستقلة- يعبرون عن انفسهم بلغة فرنسية مع انهم للعربية اقرب بل ان هناك قبائل عربية منتشرة فيهم، ولا يملكون رؤية للتخلص من الاستعمار اللغوي رغم ان كثير من شخصياتهم العلمية والدينية تحسن الحديث باللغة العربية بل ان العربية موجودة في حياتهم وتربيتهم الدينية.. وهكذا تستمر عملية استعمارهم حتى لو فكروا بالتخلص من التبعية..وهذه معضلة عميقة ستظل معطلة لاي محاولة نهضة او انعتاق.

أما المعضلة الخطيرة الأخرى فتلك التي يتم التعبير عنها بتنوع المستثمرين في الدول الافريقية بمعنى احلال الامريكان والروس والصينيين في المساحات التي يتم فيها اضمحلال الفرسنيين، فلئن كان الموقف الروسي والصيني واضحين معبرين بحقيقة التفكير الروسي والصيني الا ان الملفت هو الموقف الامريكي الذي حاول سريعا البحث عن توسع النفوذ -في حالة اخلاء تمت للنفوذ الفرنسي- متقاسما مع الروس والصينيين مجالات الاستثمار.

ان السعي لكسب المستثمرين الروس والصينيين والامريكان تحت ضغط الحاجة والحاح الظروف المعقدة في الدول الافريقية اصبح سبيلا وحيدا وخيارا اجباريا امام القادة الجدد في بوركينا فاسو ومالي والنيجر والغابون وافريقيا الوسطى..

الدول ليست جمعيات خيرية، واحتياج الدول الافريقية وشعوبها ملح للغذاء والبنى التحتية وهي في هذا الاطار تمد يدها لكل من يقدم لها ما يسد الرمق في ظل توقف دول افريقية وصناديق مالية افريقية عن النجدة ذلك لانها شكليا مستقلة فيما يتم توجيهها من قبل الاستعماريين فهي لن تقدم للدول المتمردة على الهيمنة الفرنسية أي نوع من المساعدة فضلا عن احتمالات التدخل العسكري في شؤونها الداخلية.

من هنا تلوح في الافق أهمية الدفاع عن استقلال الدول والجيران من جديد لان ذلك يوفر البيئة الصحية لاستقرار الامن والسلام في الاقليم، وهنا يصبح من الملح تماما على مد يد العون والاستثمار والمساعدة في رسم معالم سياسة امنية استراتيجية اقليمية تعزز من سيادة الدول واستقلالها وتدفع تنميتها الى الامام قدما في محاولة لتخفيف ضغط هجوم المستثمرين الجدد.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار