Image

الشيخ مهاجري زيان يكتب “للجزائرالآن “: تحديات العصر الرقمي… الخطاب الديني في الفضاء الإلكتروني

الشيخ مهاجري زيان يكتب “للجزائرالآن “: تحديات العصر الرقمي… الخطاب الديني في الفضاء الإلكتروني

الجزائر الآن _ نعيش في عصر تميز بالتقدم الهائل في التكنولوجيا، حيث تطورت وسائل الاتصال الحديثة وتوسعت شبكة الإنترنت حول العالم وأصبح إلى قرية صغيرة اقرب.

عصر تقني متقدم، أصبح الوصول إلى “المعلومات” أمرًا يسيرًا جدا من أي مكان، وكذلك انتشارها بسرعة وفي ثواني عبر الفضاء الإلكتروني،حيث تطوف العالم بأسره.

تم تحطيم كل الحواجز التقنية و المسافات، مما جعل من السهل نقل وتبادل مختلف أنواع المعرفة بين الأفراد، ومع ذلك يظهر جانب سلبي حيث ينتشر الكم الكبير من المعلومات دون فحص أو تمحيص، مما يعرض الناس لتداول معلومات غير دقيقة وغير صحيحة، واحيانا مضللة، إلى جانب المعلومات القيمة والصحيحة.

استخدام التكنولوجيا والفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي بلا ضوابط وتمحيص فيه خطورة كبيرة على مستقبل البشرية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تدهور القيم الإنسانية النبيلة ويفسد الطبائع الحسنة، ويشكل تحديًا كبيرًا للتربية الاجتماعية، حيث يتحول الإنسان إلى كائن يشبه الآلات، يفتقر إلى القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ وبين الخير والشر وبين الحسن والقبيح، يفقد البوصلة التي كانت توجهه نحو الأخلاق الحسنة والسلوك البشري القويم و المعرفة الصحيحة، هذا ما يجعل الحاجة ماسة إلى توجيه تكنولوجيا المستقبل بروح من التفكير الأخلاقي والقيم الإنسانية النبيلة و المعايير الصحيحة.

والمؤكد أن الولوج الى ميدان التكنولوجيا وإصلاح الخلل وتقويم الزلل والاعوجاج، فضلاً عن معالجة الانحراف، يعتبر واجبًا على كل فرد لديه القدرة والإمكانيات، يجب علينا
– كأمة – اكتساب بعض المهارات الضرورية والقيام بمهام حيوية لا يمكننا تجاهلها أبدًا، منها:
مواكبة العلم الحديث والمعاصر، واكتساب مهارات في هذه التقنيات، بالإضافة إلى الالتزام بالدراسة والبحث المستمر في مجال الفضاء الإلكتروني.

ولذلك أوصي بشدة بضرورة تدريب الدعاة، والأئمة، والعلماء، والمدرسات، والمدرسين على إتقان استخدام التقنيات الحديثة والاستفادة الفعّالة منها في سبيل خدمة البشرية، يجب تزويدهم بالمهارات اللازمة للتفاعل بفعالية مع التطورات التكنولوجية، وذلك لتحقيق فائدة أكبر للمجتمع وتعزيز التواصل الفعّال في ظل التقدم الرهيب الذي يشهده عصرنا.

كما أوصي بشدة بضرورة العمل على تقويم الخطط الدعوية والتعليمية والتربوية، وتطوير الخطاب الديني بحيث يشمل كافة المجالات، سواء كانت واقعية أو افتراضية، هذا يسهم في تعزيز فهم أعمق للقضايا الدينية والتعليم الديني، مما يعزز التفاعل الإيجابي والتأثير البنّاء في المجتمع.

وتظهر الحاجة الملحة إلى تعزيز التربية الفردية والاجتماعية كوسيلة حيوية للحفاظ على هويتنا وحماية معتقداتنا و فطرتنا، ويتمثل “التحدي” في التصدي للتأثير الضار الذي ينبعث من شياطين الإنس والجن وأعوانهم، الذين يستخدمون الفضاء الإلكتروني والتقنيات الحديثة لنشر الفتن وزرع الفساد في مختلف المجالات، على سبيل المثال، يشهد انتشار بعض البرمجيات والتطبيقات المجانية استخدامًا واسعًا، مما يثير قلقًا بسبب انتقالها إلى عقول الأفراد واحتمال حملها لمفاهيم مغلوطة وأفكار خطيرة، ويتطلب ذلك تكثيف الجهود لمواجهة هذا التحدي وتوجيه الأمة نحو الإهتمام بالتربية الصحيحة والمصادر الموثوقة لتجنب انتشار المعلومات المضللة والأفكار المتطرفة.

في الختام، يظهر بوضوح أن السبيل إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة والحفاظ على استقرار المجتمع يتطلب تسليح الفرد بسلاح العلم، فمن يتوخى مواكبة العصر والسعي للنفع في الدنيا والآخرة، ويرغب في حماية المجتمع من المفاسد الظاهرة والخفية، عليه أن يلتزم بالحديث النبوي الشريف الذي يجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم.

إن العلم الذي يشمل علوم الدين والدنيا، بما في ذلك التقنيات الحديثة، يشكل السلاح الفعّال لتحقيق هذا الهدف، ومن هنا تكمن الأهمية البالغة لتوظيف الإنسان لهذا العلم بحسن، والاستفادة الرشيدة من معطياته في سبيل تحقيق التقدم والرفاهية للإنسان والمجتمع على حد سواء.

كتب “للجزائرالآن ” الشيخ مهاجري زيان: 

■رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية 
■ مسؤول الشؤون الثقافية و التعليمية بالمؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف 

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار