Image

دول التطبيع تدّعم الاقتصاد الصهيوني وتنقده من الانهيار

دول التطبيع تدّعم الاقتصاد الصهيوني وتنقده من الانهيار

لجزائرالآن_ شدد وزير الاقتصاد الصهيوني نير بركات، الثلاثاء، على أنّ العلاقات التجارية بين تل أبيب والدول العربية لم تتأثر بالحرب في قطاع غزة.

وقال نير بركات للصحفيين على هامش المؤتمر الوزاري الـ13 لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي: “ليس هناك أي تغيير في العلاقات التجارية”.

وأضاف: “الأمور مستقرّة للغاية.. أعتقد أن الزعماء يدركون أنّ لدينا الهدف ذاته وهو التعاون سلميا”.

وسمحت “اتفاقيات إبراهام” التي تم التفاوض عليها بوساطة من الولايات المتحدة والتي وُقّعت في العام 2020، بإقامة علاقات رسمية بين تل أبيب وأبوطبي والمنامة والرباط، بينما تربط معاهدتا سلام الكيان الصهيوني مع مصر والأردن.

وردا على سؤال بشأن الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها تل أبيب بسبب الحرب على غزة، قدّر بركات أنّها “قد تتراوح بين 150 و200 مليار شيكل”، أي ما بين 42 و55 مليار دولار.

وأفاد بأنّ هذا “ليس أمرا لا يمكن لتل أبيب تحمله على المدى المتوسّط أو الطويل”.

واعتبر بركات أنّ الحرب في غزة قد تساعد تل أبيب على زيادة مبيعاتها من التكنولوجيا العسكرية، مشيرا إلى أنّ هناك “اهتماما قويا” بها من العديد من الدول، من دون أن يحدد ما إذا كانت الدول العربية من بينها.

وفي جانفي الماضي، وافق مجلس الوزراء الصهيوني على مبلغ إضافي قدره 55 مليار شيكل (15 مليار دولار) لتغطية تكاليف الحرب.

11.5 مليار دولار هو حجم التجارة بين تل أبيب ودول الشرق الأوسط

بحسب بيانات “بنك إسرائيل” صادرة مع نهاية سنة 2023، فإنّ حجم المبادلات التجارية بين الكيان الصهيوني ودول الشرق الأوسط بلغ 11.5 مليار دولار، ولكن هذا الرقم لا يمثل سوى رأس جبل الجليد، والجزء الأكبر للتبادل التجاري بين تل أبيب وجيرانها أكبر بكثير.

فالكثير من عناصر هذا التبادل التجاري غير مضمونة مثل الغاز والسياحة والتعاون التكنولوجي، وتحسب بالحساب النهائي لكل بند.. فالحجم الحقيقي يظهر غير واضح من وراء ستار بسبب تعقيد القضية الفلسطينية وتقهقر خطة السلام بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني التي لم تشهد تقدماً يُذكر في اتجاه حل الدولتين.

وكان لواشنطن، وهي الوسيط البعيد جغرافياً ولكنه الأقرب فعلياً من حيث قوة نفوذه في الشرق الأوسط، دور دائم في الدفع إلى التطبيع التجاري والاقتصادي بين تل أبيب وجيرانها كخطوة أولى -من وجهة نظرها- في اتجاه تطبيع شامل وربما وضع حد للصراع في المنطقة. وفي هذا الإطار، انتشرت منذ منتصف التسعينيات مكاتب للتمثيل التجاري لدول عربية دون الدخول في اتفاق سلام مع تل أبيب.

وبالأرقام تحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية لشركاء تل أبيب التجاريين في المنطقة بعد تركيا، ووصل حجم التبادل التجاري إلى 2.56 مليار دولار عام 2022، ودخل البلدان في اتفاق تجارة حرة في أفريل من سنة 2023، ومن المرجّح أن تصعد التجارة إلى مستويات أعلى بفضل الاتفاق الجديد.

ويكون حجم التجارة بين الإمارات والكيان الصهيوني تجاوز حاجز 3 مليارات دولار في نهاية 2023، ومن المرجح أن تصبح الإمارات صاحبة أكبر تبادل تجاري مع تل أبيب لتحتل المركز الأول بدلاً من تركيا في غضون أعوام قليلة.

يأتي الأردن في المرتبة الثالثة بحجم تبادل تجاري وصل إلى 536 مليون دولار، ويشكّل الغاز والكهرباء والماء أهم البضائع المتبادلة مع الكيان الصهيوني، فالأردن يحصل على 50 مليون متر مكعب من الماء من دولة الاحتلال بشكل مُدعم بفضل اتفاقات السلام التي أبرمها الأردن مع تل أبيب في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، كما تم تحديث الاتفاق ليشمل خمسين مليون متر مكعب من الماء المدعم لمدة ثلاث سنوات.

أما مصر، وهي أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع الدولة العبرية عام 1979 إبان حكم الرئيس الراحل أنور السادات، فتحل رابعة بين شركاء تل أبيب في المنطقة، إذ وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 300 مليون دولار، وتميل كفّته أيضاً لصالح مصر، ولكن هذا الرقم لا يشمل السياحة العبرية في مصر ولا يشمل كذلك الغاز الصهيوني الذي تشتريه مصر من تل أبيب لإسالته في مصنعي دمياط وإدكو في شمال دلتا النيل.

ولكن مصر تستفيد من اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة أو “الكويز” التي أُبرمت إبان حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك فقد أتاحت الاتفاقية لمصر تصدير ما قيمته 1.4 مليار دولار إلى الولايات المتحدة عام 2022، بحسب مصدر حكومي مصري.

شركات مصرية تابعة للحكومة تعزز تجارتها مع تل أبيب

كشف تقرير لصحيفة “العربي الجديد”، أنّ مئات الشركات المصرية التابعة للحكومة تعزّز التجارة مع نظيرتها في تل أبيب، على الرغم من الحرب التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة.

وللشهر الخامس على التوالي، توصلت شركتا “بلو أوشن إنريجي” المستورد المصري للغاز الصهيوني مع نظيرتها “إسرامكو” في تل أبيب، إلى اتفاق يقضي بضخ 4 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي لمصر على مدار 11 عامًا.

ويرفع الاتفاق، كميات الغاز المصدرة بما يعادل ضعف الكميات التي كانت تصدرها تل أبيب إلى مصر، قبل الحرب الصهيونية على غزة في 7 أكتوبر2023.

وتمضي السلطات المصرية قدماً في اتفاق اقتصادي سبق أن وقعت عليه مع الجانب الصهيوني منتصف عام 2023، بالعمل على مضاعفة صادرات الغاز الصهيوني إلى مصر، اعتباراً من جويلية 2025.

يأتي ذلك في تناقض مع رؤية خبراء الأمن القومي واقتصاديين يحذرون من وقوع مصر في “فخ الغاز” الصهيوني، مع حرصهم على عدم ربط إمدادات الغاز باحتياجات محطات التوليد ومصانع الأسمدة والبتروكيماويات والإسمنت.

وتسود مخاوف كبيرة، من الانغماس مع تل أبيب في مشروعات اقتصادية استراتيجية، تعمق وجودها داخل السوق المصرية، لتوظفها في ممارسة الابتزاز السياسي عند الحاجة.

وتجلّى هذا الأمر، في ما فعلته تل أبيب، عقب العدوان على غزة، حينما أوقفت ضخ الغاز تماماً في الأنابيب المتجهة إلى شبكة الغاز المصرية، لمدة 5 أيام، أدت إلى زيادة مضاعفة فترة انقطاع التيار الكهربائي بأنحاء البلاد، ثم أعادته بالتدريج، وفقاً لردود أفعال المسؤولين، حول العدوان على غزة.

وواصلت الحكومة المصرية، استيراد الغاز لتصدير 80% منه سائلاً إلى أوروبا، وتجري مئات الشركات المصرية في قطاعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والصناعات الغذائية والزراعية، عمليات تبادل تجاري وسلعي مع نظيرتها في تل أبيب، ضمن اتفاقية المناطق الحرة “كويز”.

وكانت الولايات المتحدة، قد فرضت الاتفاقية على كل من الأردن وتركيا ومصر منذ 3 عقود، في إطار رغبتها في دمج اقتصاد دول المنطقة مع تل أبيب، وإعادة التشكيل السياسي لمنطقة الشرق الأوسط، التي طورتها باتفاقيات “إبراهام” حيث ضمت إليها كل من الإمارات والبحرين والمغرب.

وتضمن الاتفاقية تزويد شركات مصرية بالمنتجات الزراعية والأسمدة والإسمنت، مع حظر دخول المنتجات المصرية إلى الأسواق الأمريكية، دون أن تشارك الصناعات العبرية بنحو 10.5% من مكوناتها.

المقاطعة قد تنقد شرف المغرب

استمرت وتيرة التبادل التجاري بين كل من المغرب والاحتلال الصهيوني رغم مرور 144 يوماً من العدوان على غزة، ولكن حملات المقاطعة استطاعت أن تهبط بمعدل الصادرات المغربية إلى تل أبيب بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة.

وتشير آخر بيانات صادرة عن وحدة تدبير التجارة الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة الصهيونية، إلى أنّ المبادلات التجارية مع المغرب ارتفعت في العشرة أشهر الأولى من العام الماضي بنسبة 112% لتستقر في حدو 94 مليون دولار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.

غير أنّ المصدر نفسه يلاحظ أنّ تلك المبادلات اتخذت منحى هبوطياً في أكتوبر بنسبة 61%، متأثرة بتداعيات الحرب التي تشنها تل أبيب على غزة إثر انطلاق عمليات طوفان الأقصى.

لكن لا تتوفر بيانات رسمية مغربية توضح جلياً وضعية صادرات المغرب نحو الكيان الصهيوني، علماً أن المبادلات التجارية بينهما وصلت إلى 55.7 مليون دولار في عام 2022، بحسب تقرير لمعهد “اتفاقات أبراهام للسلام”، الذي يحيل على المكتب المركزي الصهيوني للإحصاء، إذ ارتفعت تدفقات الصادرات والواردات بنسبة 32% مقارنة بالعام الذي قبله.

وفي إطار تداعيات المقاطعة الشعبية المتواصلة لسلع الشركات الداعمة للاحتلال، سارعت شركة مغربية متخصصة في إنتاج الكسكس، مساء أول أمس الاثنين، إلى نفي إبرام أي اتفاق من أجل تصدير الكسكس إلى تل أبيب.

ولم يخفت استنفار المغاربة الذي عبّروا، منذ بداية الحرب على غزة عن موقف مقاطع لسلع الشركات العالمية التي تتعامل مع تل أبيب، وهم يراقبون ما قد يكون سلوك شركات محلية وعلاقتها مع سوق دولة الاحتلال.

وحسب مراقبين، فإنّ “المقاطعة منذ العدوان الصهيوني على غزة، جاءت بطريقة تلقائية في المغرب من مواطنين أغضبهم ما تقترفه قوات الاحتلال الصهيوني من تقتيل في حق الفلسطينيين.”

ورغم عدم توفر بيانات حول وضعية المبادلات التجارية بين البلدين، إلا أن الناشط الحقوقي المغربي اليهودي المناهض للاحتلال وللصهيونية، سيون أسيدون، الذي يعتبر من بين مؤسسي حركة “بي دي إس”، التي أطلقت منذ 2005 نداء عبر العالم من أجل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على تل أبيب، يؤكد أنه يفترض أن تتراجع وتيرة التصدير نحو تل أبيب بعد الحرب التي تشنها على غزة.

وكانت كبيرة الاقتصاديين في وزارة المالية الصهيونية، شيرا غرنسبيرغ، رأت في 2021 أنّ الاتفاقات التجارية الموقعة بين الرباط وتل أبيب ستساهم بـ500 مليون دولار في التدفقات التجارية.

بينما يتصور رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولي، جواد الكردودري، أن الحرب على غزة تفضي إلى إرباك العلاقات الاقتصادية والتجارية، بل توقفها، خاصة في سياق الرفض للعدوان على الفلسطينيين.

ويوضح أن وسائل نقل السلع تأثرت بتداعيات الحرب على غزة، ضاربة مثلاً بالناقلة الصهيونية “العال” التي قررت تعليق رحلاتها نحو المغرب منذ الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي.

وهو القرار ذاته الذي اتخذته الناقلة المغربية الخطوط الملكية المغربية بعد السابع من أكتوبر. وقد أعلنت الناقلة الصهيونية أخيراً عدم اعتزامها استئناف أنشطتها في أفريل المقبل وفي فترة الصيف أيضاً، بالنظر إلى الوضع الأمني وانخفاض الطلب.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار