Image

حفيظ دراجي يكتب “للجزائرالآن”:  الجزائر لم تقدم شيئا لفلسطين !

حفيظ دراجي يكتب “للجزائرالآن”:  الجزائر لم تقدم شيئا لفلسطين !

الجزائرالآن_ المشككون في التزام الجزائر حكومة وشعبا مع القضية الفلسطينية عادوا الى الواجهة هذه الأيام ، غيظا وحقدا وغيرة ، بعد نجاح الجزائر في تمرير قرار في مجلس الأمن الذي يدعو الى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، بدعم من أعضاء غير دائمين ، امتنعت أمريكا عن التصويت عليه، رحبت به السلطة الفلسطينية وحماس التي ثمنت جهود الجزائر، التي تشكل امتدادا لعقيدة ثابتة لدى الدولة الجزائرية التي نجحت قبل 50 عاما سنة 1974 في ادخال فلسطين لأول مرة الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وإعلان قيام دولة فلسطين عام 1988، ولم تتردد يوما في دعم القضية الفلسطينية دبلوماسيا وماديا، في كل الظروف والأحوال.   

منذ باشرت الجزائر مهامها كعضو منتخب غير دائم في مجلس الأمن سعت لاستصدار قرار بوقف الحرب على غزة وادانة الجرائم الاسرائيلية في فلسطين بعد أن كانت وراء حرمان اسرائيل من الحصول على صفة عضو غير دائم في منظمة الافريقي، فتقدمت بمشروع أول قبل شهر سقط باستخدام أمريكا لحق الفيطو، ثم عادت مجددا رفقة دول حرة وأعادت الكرة مثلما وعدت، وها هي تتوعد بالسعي لأجل استصدار قرار جديد يطالب بفرض عقوبات على اسرائيل وملاحقة مسؤوليها بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وبعدها تتفرغ للمطالبة بحصول فلسطين على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة بعيدا عن كل أشكال التباهي والشو الإعلامي الذي يمارسه البعض مع القضية الفلسطينية.

يكفي تصريح مندوب اسرائيل لدى هيئة الأمم المتحدة الذي قال ” أن الجزائر هي الناطق الرسمي باسم حماس والمقاومة”، في حين ذهب وزير الأمن القومي الاسرائيلي ايتمار بن غفير الى اعتبار الأمم المتحدة هيئة معادية للسامية وموالية لحماس، بينما قال صامويل وينبيرغ المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية “أن الجزائر وقفت في وجهنا ورفضت العديد من مقترحاتنا في مجلس الأمن، وكل محاولاتنا لاقناعها بالتعاون معنا و أصرت على مواقفها” ، وهي المرة الأولى التي تجد فيها اسرائيل وأمريكا في موقف حرج في مجلس الأمن، تسبب في بروز خلاف بينهما الى العلن بسبب المشروع الذي تقدمت به الجزائر.

الجزائر لا تدعي أنها قدمت شيئا لفلسطين، لكنها كانت أول بلد عربي استضاف مكتب لحركة فتح سنة 1963، وكانت من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية سنة 1965، وفتحت مكتبا لها في العاصمة الجزائرية، و على أراضيها تخرجت أول دفعة من الضباط الفلسطينيين، و إلى أراضيها حولت طائرة اسرائيلية من طرف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تم بموجبها إبرام صفقة إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل الإفراج عن الركاب الاسرائيلين، وفي سنة 1982 استقبلت الجزائر أكثر من 600 مقاتل فلسطيني بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، قبل أن تستضيف الجزائر قمة عربية سنة 1988 ، أقرت دعم الانتفاضة الفلسطينية الأولى ماديا، ثم تصبح الجزائر أول دولة تعترف بدولة فلسطين التي أعلن قيامها في الجزائر سنة 1988.

بعد كل هذا لا تزال الجزائر تعتبر نفسها مقصرة في حق الشعب الفلسطيني رغم محاولاتها الأخيرة لحل الخلافات بين السلطة الفلسطينية و مختلف الفصائل في اجتماع لم الشمل في الجزائر، وتقديم مساعدات مالية اضافية قدرت بـ100 مليون دولار، زيادة على وفائها الدائم بالتزاماتها المالية مع السلطة الفلسطينية في إطار الجامعة العربية ، حيث تعتبر من بين البلدان القليلة التي تدفع مستحقاته بانتظام ، أما دعم المقاومة بشكل مباشر وغير مباشر، فالكل يعلم ما تفعله الجزائر، ودعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية لم يشوبه أي شك أو تردد الى غاية نجاحها في تمرير مشروع ايقاف الحرب على غزة الأسبوع الماضي مع الدول المنتخبة في المجلس.

حتى وإن اعتبرت هذه المساعدات أقل من مستوى التطلعات ، فيكفي أن الجزائر لا تعترف باسرائيل، و لم تطبع مع الكيان، ولم تتواطئ معه، ولم تتخاذل، ولم تحاصر الشعب الفلسطيني ومقاومته، ولم تساوي بين الضحية والجلاد، ولم تغير موقفها الرسمي والشعبي من القضية بشهادة الشعب الفلسطيني وسلطته ومقاومته ، وهي ليست مطالبة بالتشهير لمواقفها لأنها ليست بحاجة إلى تبرير تخاذلها مثل غيرها من الأنظمة العربية التي تقتل القتيل وتمشي في جنازته، وتتباهي بتقديم مساعدات إنسانية للتغطية على  المساعدات المادية واللوجستية التي تقدمها لإسرائيل في السر والعلن دون حياء ولا خجل رغم اعتراض شعوبها على ذلك.

بالنسبة للجزائريين يعتبر الوقوف مع فلسطين واجبا مقدسا لا يختلف عن واجب الدفاع عن الوطن والتضحية بكل ما نملك، وليس منة ولا صدقة نتباهى بها ، أو نخجل من القيام بها أو نخاف لومة لائم، لأننا ذقنا ألام الاحتلال والاضطهاد، ونقدر معنى الكفاح والحرية والكرامة الانسانية، ولا نتردد في الوقوف الى جانب شعبنا الفلسطيني وكل الشعوب التي تناضل من أجل استقلالها وسيادتها.    

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار