Image

“زوبعة الهقار2024”.. رمــــــــال ورســــــائل!  

“زوبعة الهقار2024”.. رمــــــــال ورســــــائل!  

كلام مباشر

الجزائرالآن _ التمارين العسكرية التكتيكية في الجزائر تجري بالذخيرة الحيّة مباشرة، وهو عرف عسكري “نادر” في دول العالم.. ومن القليل جدا أن تجد جيوشا تباشر مناورات تحاكي الواقع حرفيا كما تفعل مؤسسة سليل جيش التحرير، وهي بالتأكيد دلالة احترافية قوية وعلامة فارقة في الجاهزية لمن يفهم أدبيات “الثكنة” ويُلم بإيديولوجيا وثقافة “القبّعة” عبر التاريخ.

والجيش في الجزائر دشّن تمارينه لسنة 2024 باكرا هذه المرة، كما اختار مكانا تلوح فيه الشمس باكرا أيضا، باختياره تمنراست، الولاية التي يحتفظ لها من يعرفها بلوحة الشروق والغروب “الأجمل” على الأرض، قبل أن تزيدها “زوبعة الهقار 2024” زخما آخرا أبهر المتابعين في الداخل وفي الخارج حيّال الاحترافية والجاهزية التي بلغتها “القوة الضاربة” الأولى في المنطقة..!

وتمنراست كذلك منطقة متاخمة لشريط الجوار المضطرب أمنيا، وكثيرا ما يغلي بالاضطرابات والانقلابات، ما ساهم في تصاعد بعض الأصوات هناك على تخوم الحدود الجنوبية وهي تتوعد بقلب معادلة الأمن في الساحل كليا، لهذا كانت تمنراست أنسب بقعة في جغرافية الجزائر لإثارة الغبار والأتربة بالشكل الذي سمح بتحريك عاصفة هوجاء وجارفة من عيّار “زوبعة الهقار 2024 “!   وهي العاصفة التي مرت بنجاح تام من قياس 10/10 بدليل اختفاء أولئك الملوحين والمتوعدين بتغيير خارطة المنطقة دفعة واحدة، وهم يتابعون تمارين لا تزيد في الواقع عن حصص “إحمائية” تجريها المؤسسة العسكرية بشكل اعتيادي وبانتظام عشية كل سنة قتالية، وتدخل ضمن المقرر الدراسي للجنود قبل أن تكون استعراضا للقوة والسطوة مثلما حاولت صحافة الأبواق المأجورة في الجوار الترويج له من قبيل إثارة التحفظات والمخاوف؟    

لقد حملت “زوبعة الهقار 2024″ رسائل قوية للداخل وللمنطقة كما للخارج، وهي رسائل تطايرت مع الرمال وتلقفها المعنيون بقراءتها جيدا، والأهم فهمها على نحو صحيح وواضح لا غبار عليه رغم ما أثارته من أتربة ورمال هزت الأرض في جوار ينام بالأساس على أخبار الانقلابات ويستيقظ على تلاوة البيانات العسكرية أكثر من أنشطة الحكومات السياسية، مثلما حركت أوجاع البعض الآخر الذي تتملكه حساسية مفرطة من كل ما هو جزائري حر و”حار”!  فكان لزاما أن تتشكل “زوبعة الهقار” حتى تعيد للجميع الهدوء المطلوب، وبعض الرشد المفقود كذلك!  

 لقد حملت تمرينات الجيش الشعبي الوطني التي استهلها من الناحية العسكرية السادسة رسائل “قوية” للداخل والخارج على حد سواء، كما لم تفوت المؤسسة العسكرية ترك “أس أم أس” في صندوق بريد “العابثين” في الجوار، ممن ترسم لهم “أوهامهم” استهداف الأمن القومي في الجزائر انطلاقا من متغيرات الساحة، ومن منطقة الساحل تحديدا.

ولئن طمأنت الرسائل المتعلقة بالجبهة الداخلية بخصوص الحفاظ على أعلى درجات الأمن الوطني الذي يستمده الجزائريون من فطنة وحنكة المؤسسة العسكرية، ومن يقظة العين الساهرة لجنوده المرابطين عبر كامل الشريط الحدودي بما يضمن ديمومة السلم الداخلي، وردع الدخلاء والمغامرين، خاصة على مستوى الحدود الغربية أين تخوض قوات الجيش الشعبي الوطني حروبا يومية متواصلة ضد مخدرات “جلالته”! وضد عصابات الجريمة المنظمة. والأرقام المعلنة بشأن المحجوزات والأشخاص الذين يتم القبض عليهم بشكل دوري تكشف حجم وطبيعة الحرب الدائرة في صمت هناك.

غير أن اللافت في رسائل “الهقار” أنها تضمنت الإشارة إلى معركة الجيش الأخرى على امتداد الشريط الحدودي الجنوبي وتحديدا مع دولة مالي، في ظل التطورات الأخيرة التي حاول من ورائها “الانتقاليون” في العاصمة باماكو القفز في المجهول، بالقفز على “إعلان الجزائر” بكل ما شكّله ويشكله من صمام أمان لشمال مالي وللمنطقة ككل على مر العقد الماضي، وخصّ الجيش في رسائله فريق الأجندات الأجنبية الساعية إلى تحويل منطقة الساحل إلى جبهة حرب “عبثية” مفتوحة، تقودها التنظيمات الإجرامية والمرتزقة بجانب شبكات الاتجار بالمخدرات والسلاح، وهي مخططات تأخذها الجزائر على محمل الجد واستعراض القوة الذي أبانت عليه وحدات الجيش الشعبي الوطني في “زوبعة الهقار 2024” يحمل الكثير من ردود الجزائر الرسمية لمن يخالجهم “الوهم” و”المرض” على حد سواء المساس بالأمن القومي الوطني، وأن النار التي يجمعون لها الحطب هناك في جوف الصحراء قد تأتي على “شيّ” وجودهم قبل إشعال فتيلها!    

وتكفلت “زوبعة الهقار” أيضا بإيصال رسائل للخارج تحمل في طياتها مشروع السلم والاستقرار الذي تمثله القوة العسكرية في الجزائر من منطلق القوة الإقليمية الكفيلة بنشر ودعم السلم والأمن الدوليين في الجوار وفي المحيط الإقليمي ككل.  

من الواضح، يقر متابعون أن مناورة الجيش الجزائري أوصلت رسائلها كافة إلى المعنيين في المنطقة، وحرصت في ذلك على أن تصلهم بالبنط العريض حتى لا تكون حجّة لضعاف البصر لاحقا، وهي رسائل من الواضح جدا أنها حققت مبتغاها على أكمل وجه. أقلها أن الجيش الذي يمارس باقتدار عال الذخيرة الحيّة كما لو أنها “فطور” في تمارينه الصباحية جدير بالاستماع إليه وفق شروط وقواعد إنصات يضعها هو بنفسه، بعيدا عن شطحات الفولكلور التي عادة ما تضبط فيها “الرقّاصات” على حد تعبير “مخلوف البومباردي” أجسادهن على إيقاع “بارود عراسي” من شاكلة “السيرك” العسكري الذي يرفع ظلما وزورا اسم الأسد في مملكة الحشيش المجاورة، في حين لا يتعدى فيه الصوت “مواء” القطط الأليفة وهي تتطاير فزعا تحت طلقات الـ “فيشينغ”..!

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار