Image

الذكرى 112 لوصول ليوطي إلى فاس .. وهكذا أسس “المملكة المغربية”

الذكرى 112 لوصول ليوطي إلى فاس .. وهكذا أسس “المملكة المغربية”

الجزائرالٱن _ في ساحة فسيحة وسط مدينة الدار البيضاء (العاصمة الاقتصادية)، وبالضبط عند مدخل السفارة الفرنسية بالمغرب، ينتصب تمثال الجنرال الفرنسي هوبير غونزالف ليوطي، أول مقيم عام في البلاد.

ممتطيا جوادا عربيا أصيلا يقف ليوطي منتصب القامة يحرس مدخل المدينة بنظراته العسكرية، ويطل من أعلى برجه على أول معسكر للقوات الفرنسية التي هاجمت سكان مدينة الدار البيضاء سنة 1907 بعدما دمرتها البوارج الحربية.

وفرضت “الحماية الفرنسية” على المغرب في 30 مارس 1912 بعد توقيع معاهدة من طرف السلطان عبد الحفيظ وامتدت تلك الفترة حتى حصول المغرب على استقلاله سنة 1956. هذه الفترة قضى الجنرال الفرنسي نصفها على رأس الدبلوماسية المغربية.

ورغم نهاية عهد الحماية ورحيل ليوطي، فإن القرارات التي اتخذها النظام الفرنسي حينها، وأشرف عليها الرجل لا تزال صامدة وكتب لها الاستمرار إلى اليوم، ويكفي أنّ الجنرال ليوطي هو من وضع العلم المغربي الحالي، ونقل العاصمة من فاس إلى الرباط.

في 28 أفريل من سنة 1912، عينت فرنسا لويس هوبير غونزالف ليوطي كأول مقيم عام بالمغرب الأقصى، وذلك بعد أسابيع قليلة من التوقيع على معاهدة الحماية بفاس، واستمر ليوطي في مهمته إلى حدود سنة 1925، حيث عاد إلى بلاده بعدما تمت ترقيته سنة 1921 إلى رتبة مارشال التي تعتبر الأعلى في الجندية الفرنسية على الإطلاق.

باشر الجنرال ليوطي (ازداد في 17 نونبر 1854 وتوفي يوم 27 جويلية 1934) مهامه كأول مقيم عام فرنسي في البلاد. وجاء ليوطي ليمارس مهام المقيم العام لـ 14 سنة كاملة. وهي أطول فترة قضاها مقيم عام فرنسي في (المغرب)

وعندما وصل ليوطي إلى العاصمة آنذاك مدينة فاس، اصطدم فورا بثورات القبائل التي حاصرت المدينة احتجاجا ضد توقيع معاهدة الحماية.

وبعد يومه الأول في المدينة كتب إلى شقيقته بحسب ما أوردت مجلة “زمان” قائلا “وصلت إلى هنا (فاس) أمس، ثم التقيت بالسلطان. في المساء، تعرضت المدينة لهجوم هائل من شرقها وشمالها. صددنا المهاجمين بحلول ظهر اليوم الموالي، بعد أكثر من 12 ساعة من المقاومة الشرسة، تسللوا خلالها إلى داخل المدينة، فاضطررنا إلى حرب الشوارع، ومطاردتهم خطوة خطوة، دارا بدار. كانت خسائرنا كبيرة جدا”.

وبعد أشهر من تواجده في (المغرب الأقصى) كتب رسالة أخرى إلى الكونت ألبير دومان عضو البرلمان الفرنسي، يشرح فيها خطته لاحتلال البلاد قائلا “لو أمدتني فرنسا بمائة ألف جندي لن يجدي الأمر شيئا، ستجمد حركتهم. هذه البلاد لا يمكن معالجتها بالقوة فقط. الطريقة المعقولة، والوحيدة، والأنسب، والتي أرسلتني فرنسا من أجلها، أنا وليس شخصا آخر غيري، هي اللعب الدائم على حبلي السياسة والقوة”.

مؤسس المملكة المغربية

أغلب الدراسات التاريخية بما فيها المغربية، تقول أنّ مؤسس المملكة المغربية هو الجنرال، ذو الأصول اليهودية، لويس هوبير ليوطي، وكان يلقبه المغاربة بـ”سيدي ليوطي”، و هو من أسس سلالة الحكم بالمغرب ليوسف بن الحسن الأول بعد إزاحة ليوطي لأخيه المولى حفيظ الذي كان ضده وضد الاستعمار، وهو من صنع وصمم العلم المغربي، و نشيده الوطني وبنى الدار البيضاء، وجعل من الرباط عاصمة، ومن فاس عاصمة للتجسس لصالحه، وهو من أمر بفتح أحياء للدعارة بجميع المدن المغربية، وكانت الأسرة العلوية تقبّل يده، وكانت الريف أنذاك بزعامة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي أشرس معارضيه، وكان يحارب زحف الثورة الريفية التي قتلت عشرات الألاف من الاستعمارين الفرنسي والإسباني.

وتوفى مؤسس المملكة المغربية ليوطي بفرنسا سنة 1934م، كما أوصى بنقل جثمانه إلى المغرب وبقي 12 سنة حتى أرجع لفرنسا، وكان ذلك بطلب من الجنرال شارل دوغول سنة1961م.

وحسب المراقبين، فإنّ المملكة المغربية ماتزال تحت الحماية الفرنسية حتى اليوم، وتمثال ليوطي مؤسس المملكة المغربية لازال شاهدا على ذلك من أمام السفارة الفرنسية بالدار البيضاء، وهو يمتطي حصانه، و قبة قبره بوزارة الداخلية المغربية بالرباط، وهذا أكبر استفزاز استعماري للشعب المغربي وبرعاية العائلة العلوية التي نصبها ليوطي على رقاب الشعب المغربي.

لا أثر لدولة مغربية قبل ليوطي .. وهكذا اختار العلم وجعل الرباط عاصمة

أمّا قبل هذا التاريخ، ورغم أنّ المكان لا يسمح بالعودة بعيدا عبر سطور التاريخ، إلا أنّ لا أحد يؤكد وجود الدولة المغربية بهذه الصورة، فقد كانت جزء من بلاد المغرب الإسلامي أو جزء من مملكة موريتانيا، لا مكان للعلويين بها، قبل أن يظهر “ليوطي” ويكافئ العائلة العلوية التي تعوّدت على تقبيل يديه بتأسيس ما يسمى بالمملكة المغربية تحت السيادة الفرنسية، لتظهر كدولة مستقلة سنة 1956، وبالنظر إلى العقدة التاريخية التي لازمت النظام المغربي، الذي أخذ مكانه بعد الاستقلال، عمل المخزن على التمدد في أراضي غيره، فاحتل “الصحراء الغربية” ونادى بمغربية موريتانيا وله أطماع في الجزائر.

بعد نجاح الجنرال ليوطي في إبعاد السلطان مولاي حفيظ (1908-1912)، قام بتعيين أخيه مولاي يوسف (1912-1927) بدلا عنه، وهو جد الحسن الثاني.

وبعد ذلك ولمحاولة محو كل ما يتعلق بماضي هذه الأرض، أمر الجنرال ليوطي مولاي يوسف بوضع علم للدولة الجديدة، وتم ذلك في 17 نوفمبر من سنة 1915، ومن ذلك التاريخ تم اعتماد علم للمغرب وهو العلم المكون من لواء أحمر تتوسطه نجمة خماسية متشابكة خضراء.

وإضافة إلى العلم المغربي كان للجنرال ليوطي دور أساسي في نقل عاصمة المغرب من فاس إلى الرباط. فبعدما كانت مدينة الرباط مهملة وشبه مهجورة، قرر المقيم العام الفرنسي انتشالها من براثن النسيان، واختارها عاصمة للبلاد.

ولم يكن اختيار الرباط عاصمة جديدة للدولة المغربية اعتباطيا، فقد أراد ليوطي من وراء ذلك تهميش مدينة فاس التي تحمل رصيدا تاريخيا وشرعية رمزية، وهي المدينة التي كانت تشهد احتجاجات تتخذ في عدة أحايين طابعا عنيفا ضد المستعمر الفرنسي.

كما أراد ليوطي من وراء قراره إبعاد السلطان عن تأثيرات رفض سكان فاس لسلطات الحماية.

وهكذا فقد تم استقدام السلطان مولاي يوسف إلى العاصمة الرباط، حيث تم اختيار منطقة تواركة لبناء القصر الملكي، كما أمر ليوطي معمارييه ببناء مختلف الإدارات المركزية المدنية والعسكرية والقضائية.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار