Image

تجسيد ميداني في قطاع التعليم العالي لمخرجات المغرب العربي الجديد

تجسيد ميداني في قطاع التعليم العالي لمخرجات المغرب العربي الجديد

الجزائرالٱن _ يبدو أنّ ميلاد مجموعة الثلاث (الجزائر، تونس، ليبيا) بقصر قرطاج بالعاصمة التونسية، كرس بالفعل ديبلوماسية البراغماتية، بعيدا عن الشعارات الجوفاء، التي ظلت تلوكها ألسنة المسؤولين داخل اتحاد المغرب العربي منذ تأسيسه سنة 1989، والذي توفي سريريا مبكرا، بعد 6 سنوات فقط من تأسيسه، عندما أعلن سنة 1995، وزير الشؤون الخارجية المغربي وقتها هبد اللطيف الفيلالي عن تجميده ومنذ ذلك الحين تم تعطيل كافة مؤسسات الاتحاد باستثناء الأمانة العامة، التي وضعت تحت رقابة المخزن المغربي ، الذي كان يؤجرها ويستخدمها عند الضرورة لإضفاء الشرعية على أعماله من خلال موافقة مزعومة لهذا الاتحاد المغاربي.

وبغض النظر عن التسمية التي تطلق على هذا التكتل الثلاثي، سواءً  وعلى رأسها المغرب العربي الجديد ، فإّن اجتماع الرؤساء تبون، سعيّد والمنفي، كان فرصة للتطرق للوضعية الهامدة لهذا الاتحاد، فأي كان الطبيب الممارس، لن يصعب عليه الاستنتاج بوضوح أنّه بعد غيبوبة عميقة ولا مناص منها، لا يمكن إنعاش كيان كان خلال هذه المدة الطويلة في حالة موت دماغي، وهي الحالة التي تنطبق على اتحاد المغرب العربي.

المثير في الأمر، هو كون الجزائر، التي اتهمت أنّها المسؤولة عن هذا الوضع، هي من دعت أشقائها المغاربة، بمناسبة انعقاد منتدى رؤساء الدول المصدرة للغاز المنظم بالجزائر العاصمة في مارس المنصرم، إلى التفكير في سبيل آخر. فتونس بدورها قد حذت حذو الجزائر بتنظيم قمة قرطاج.

الرئيس تبون لم يخف يوما نواياه عندما يتعلق الأمر بالتعاون والتبادلات السياسية و الاقتصادية في إطار إعداد خارطة الطريق الثلاثية. وقد سبق انعقاد القمة عدة إعلانات، على غرار إنشاء خمسة مناطق للتبادل الحر مع مالي وموريتانيا والنيجر وتونس وليبيا تحديدا، وإن كانت لحكومات بعض دول هذه المجموعة سلوك عدائي.

وقد تم تعيين مجموعات عمل مشتركة لتسريع تحقيق هذه الرؤية مع التوقيع على اتفاق لمعالجة ملف المياه الجوفية المشتركة في منطقة شمال الصحراء بين الجزائر وتونس وليبيا الذي كان مصدرا لتوترات كامنة بين الدول الثلاث منذ استقلالها.

■رؤية الرؤساء الثلاثة لن تتوقف عند الحدود والمياه الجوفية

الحركية التي بدت على التكتل الجديد، تجسدت بالانتقال إلى ملفات أخرى، وكانت الجامعات محور ملف آخر يجمع دول الجزائر وتونس وليبيا، حيث قرر أمس الإثنين، ممثلو الجامعات الحدودية التونسية والجزائرية، المنضوية تحت اتفاقية (5+5) المبرمة بين قطاعي التعليم العالي والبحث العلمي لكلا البلدين، توسيع دائرة الاتفاقية حيث تقرر توسيعها لتضم في المستقبل القريب خمس جامعات ليبية وتصبح التسمية (5+5+5) لتصبح الاتفاقية تضم مستقبلا 15 جامعة بمعدل 5 جامعات من كل بلد، وهذا ما يعتبر مخرجا طبيعيا من مخرجات اجتماع رؤساء الدول الثلاث، الذي انعقد مؤخرا في تونس.

يذكر أنّ اللقاء المنعقد بجامعة قفصة التونسية حضره بالإضافة إلى رؤساء الجامعات المعنية بالاتفاقية كل من والي ولاية توزر والكاتب العام لولاية قفصة نيابة عن الوالي وكذا ممثل القنصل الجزائري بولاية قفصة بالإضافة إلى بعض مسؤولي الجامعات الليبية وعلى رأسهم مدير جامعة صبراتة ورئيس جامعة نالوت وممثلين عن جامعة سرت.

وقد تمحور جدول الأعمال الرئيسي لهذا الاجتماع حول موضوع الجامعة المبتكرة والمقاولاتية. ويدوم الاجتماع إلى غاية اليوم الثلاثاء ويعد الرابع من نوعه منذ التوقيع على الاتفاقية المشتركة.

في الأخير يجب التذكير، أنّ الجزائر التي كانت وراء بعث تكتل مغاربي جديد، لم تكن أبدا سببا في تجميد اتحاد المغرب العربي، ولمن أراد أن يتأكد عليه، أن يعود لقراءة التاريخ، سيجد أنّه وفي سنة 1995، كتب الوزير الأول، وزير الشؤون الخارجية المغربي عبد اللطيف الفيلالي لنظرائه باتحاد المغرب العربي ليبلغهم عن تجميد هذا الاتحاد. ومنذ ذلك الوقت، وبحجة مشكلة الصحراء الغربية، لم يعد هناك وجود لاتحاد المغرب العربي.

وإذا كان قد تم الابقاء على أمين عام لاتحاد المغرب العربي وهو التونسي الطيب البكوش، فإنّ هذا الأخير قد تم التكفل به جيدا من طرف القصر الملكي حيث تحوّل الى “دبلوماسي مغربي تابع” عوض أمين عام للاتحاد المغاربي الذي يتواجد في حالة موت سريري، في حين ظلت مساهمات ومنح ورواتب موظفي اتحاد المغرب العربي على مدى 30 عاما تشكل عبئا بالنسبة للدول الأعضاء التي هي في غنى عنها.

وإذا كانت كل الدول الإفريقية منظمة اليوم في إطار مجموعات إقليمية، فإنذ شمال إفريقيا فشل في تحقيق اندماج بين دوله، وذلك بسبب المغرب الذي فضل تحالفات مع الكيان الصهيوني ومحاولة الانتماء لهياكل تنظيمية أخرى بالمشرق.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار