من الأوبئة و الأمراض إلى الفقر والغلاء وصولا للفساد والتطبيع..المغرب يتجه نحو الهاوية

من الأوبئة و الأمراض  إلى الفقر والغلاء  وصولا  للفساد والتطبيع..المغرب يتجه نحو الهاوية

الجزائر الآن _ بين ملك مريض لا يعرف ما يدور حوله وشعب يصارع “البوحمرون“، تتعالى التحذيرات من مستقبل غامض يتهدد الدولة الواقعة في أقصى شمالي غرب إفريقيا، فيكاد يكون هناك شبه إجماع بأنّ ما يفصل المغرب عن الهاوية بضع سنوات، إن لم يسارع أبناء الشعب المخلصين إلى إنقاذ هذه الدولة وإعادتها إلى حضنها المغاربي، بعيدا عن الملكية المغربية، التي ماتزال تعامل مواطنيها كخدم للأمراء والمسؤولين.

وبالتالي بحسب المراقبين ،من الأوبئة و الأمراض إلى الفقر و الغلاء وصولا للفساد و التطبيع فإن المغرب يتجه نحو الهاوية.

مع نهاية الربع الأول من القرن الـ21، مايزال المغاربة يعانون من مرض “بوحمرون”، الذي يعتبر من الأمراض المنقرضة والتي لم تعد موجودة حتى في دول إفريقيا الفقيرة، فأمام فشل النظام الصحي المغربي، تحول المرض إلى وباء يهدد المغاربة، أكثر مما فعل “كورونا”، ففي آخر إحصائية، تحدثت الأرقام عن 120 وفاة و25 ألف إصابة، وسط إجراءات احترازية من السلطات، التي لم تستطع احتواء الوباء الذي يواصل التمدد داخل البيوت والسجون والمدارس.

الأمراض التي تسبب فيها النظام الملكي المغربي لا تتوقف عند “بوحمرون”، فالبلاد تعيش أزمات خانقة متعددة الأوجه، سياسية، اقتصادية واجتماعية، وهذا ما دفع بالشعب إلى الخروج إلى الشارع عشرات المرات، آخرها مسيرة مراكش، اليوم الأحد، حيث رفع أبناء الشعب صوتهم ضد الأوضاع الاجتماعية المتدهورة وتدني القدرة الشرائية، واستشراء الفساد ونهب المال العام، تعبيرا عن رفض واسع لواقع تضارب المصالح والإثراء غير المشروع والتضييق على الجمعيات الحقوقية في أداء دورها في التبليغ عن هذه الجرائم.

ونظمت المسيرة بدعوة من الجمعية المغربية لحماية المال العام، يقودها الناشط الحقوقي محمد الغلوسي، وتأتي في سياق تصاعد الغضب الشعبي من استمرار الفساد والرشوة والإفلات من العقاب.

كما أنها تمثل ردا على مشروع الفصل 3 من قانون المسطرة الجنائية، الذي يُتهم بتكبيل يد النيابة العامة في متابعة المتورطين في قضايا الفساد المالي. ورفع المنظمون شعارات تدعو إلى مشاركة مكثفة في المسيرة، باعتبارها رسالة موجهة إلى الجهات المستفيدة من الفساد، وتأكيدا على رفض أي إجراءات تحد من دور القضاء والمجتمع المدني في محاربة نهب المال العام.

وتم اختيار مراكش لتنظيم هذه المسيرة ليس عشوائيا، فالمدينة شهدت عدة ملفات فساد كبرى، بدءا من التلاعب في الصفقات العمومية، وصولا إلى قضايا تبييض الأموال والاستحواذ غير المشروع على الممتلكات العامة.

الشعب المغربي يحارب التطبيع بالمسيرات

ولأنّ التغيير لا يمكن أن يحدث بالانتخابات مادام مركز الفساد هو القصر العلوي الجاثم على الصدور إلى “يوم يبعثون”، فلا يجد المغاربة إلا المسيرات للتنديد بالظروف المعيشية الصعبة والتطبيع الذي يعارضه أكثر من 80% من المغاربة، وكشفت الأرقام أنّ المغاربة خرجوا في أكثر من 900 مسيرة و6500 مظاهرة شعبية، خلال عام واحد، عبر مختلف أرجاء البلاد, مطالبين النظام الرسمي بفك الارتباط مع الصهاينة وطردهم من المملكة، في وقت يمعن فيه المخزن في علاقاته مع هذا الكيان المحتل الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين.

وأحصت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة في بيان لها, منذ 7 أكتوبر 2023 وإلى غاية يوم 11 أكتوبر 2024, 730 مسيرة شعبية و5910 مظاهرة مناهضة للتطبيع و داعمة للمقاومة في فلسطين, في حراك شعبي غير مسبوق ينم عن مدى وعي المغاربة بخطر التغلغل الصهيوني في مفاصل المملكة.

وتضاف هذه الفعاليات الاحتجاجية التي نظمتها الهيئة المغربية إلى العشرات من المسيرات والمظاهرات التي نظمتها العديد من الهيئات المغربية الأخرى المناهضة للتطبيع مثل الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع, التي أعلنت في إحصائية لها شهر أكتوبر الماضي عن تنظيم 9 مسيرات وطنية مليونية و180 مسيرة محلية و 600 مظاهرة محلية, بالإضافة إلى 8 أيام وطنية احتجاجية عمت أغلب مدن المغرب.

وتعهدت الجبهة المغربية, التي تضم عشرات الهيئات الحقوقية, باستمرارها في النضال بكافة الوسائل المشروعة إلى غاية إسقاط جميع اتفاقيات “الخزي والعار” الموقعة من قبل النظام المغربي ومؤسساته الرسمية مع الكيان المحتل, و إغلاق ما يسمى “مكتب الاتصال الصهيوني” بالعاصمة الرباط, وكذا العمل على إخراج مقترح تجريم التطبيع المجمد في أدراج البرلمان للوجود, استجابة لمطالب الشارع المغربي وقواه الحية في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته ومطالبه العادلة والمشروعة.

في المقابل, تتسارع وتيرة التطبيع الهستيري بين المخزن والكيان الصهيوني, رغم الرفض الشعبي الواسع لهذا التقارب بكل أشكاله والهادف الى “صهينة ” المملكة و رهن سيادتها, رغم التحذيرات من مغبة هذه الخطوة غير محسوبة العواقب, خاصة مع الأطماع الصهيونية في القارة الإفريقية.

وحذرت مجموعة العمل المغربية من أجل فلسطين في بيان سابق لها من “هستيريا التطبيع” التي تعددت مظاهرها بالمملكة, والمؤشرات  “الجد خطيرة” التي تؤكد أن مقاليد الأمور في المغرب “خرجت عن سقف التطبيع الكلاسيكي وأصبحت تسير بالبلاد بسرعة جنونية نحو التخريب”

_  تقرير دولي يحذر من مخاطر تهدد المغرب

في سياق آخر، كشف تقرير جديد للمنتدى الاقتصادي العالمي حول “المخاطر العالمية لعام 2025” عن مجموعة من التحديات التي تواجه المغرب، مشيرا إلى أن الجفاف، والتضخم، والفقر، والبطالة، والركود الاقتصادي يشكلون أهم هذه التحديات.

واعتبر التقرير المنشور على موقع المنتدى، أنّ الجفاف يعد أحد أبرز المخاطر التي يواجهها المغرب في 2025، حيث يشكل نقص المياه تهديدًا كبيرًا للقطاعات الاقتـصادية الحيوية مثل الزراعة والصناعة، ويتوقع التقرير أن يزداد تأثير الجفاف في السنوات القادمة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، ما يفاقم من مشكلة نقص الموارد الطبيعية.

كما يواجه المغرب تحديًا كبيرًا في السيطرة على التضخم الذي يزداد بشكل مستمر، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وبحسب التقرير يؤثر التضخم بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمواطنين ويزيد من الضغوط الاقتـصادية على الفئات المتوسطة والفقيرة في المجتمع المغربي.

ومن بين التحديات التي تهدد استقرار المغرب أشار التقرير ذاته، إلى الفقر وعدم المساواة في توزيع الدخل والثروة، مشيرا إلى تزايد الفوارق الاقتصادية بين الطبقات الاجتماعية، مما يعمق مشكلة الفقر ويحد من فرص التنمية المستدامة للمواطنين.

وتشكل البطالة أحد التحديات البارزة وفق التقرير، حيث يواجه الشباب تحديات كبيرة في الحصول على فرص العمل، بالإضافة إلى ذلك، يعاني العديد من المواطنين من ضعف الوصول إلى فرص التعليم والتدريب المهني، مما يزيد من تعقيد الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في المملكة.

كما أن الركود الاقتصادي يعد تهديدًا آخر للمغرب في 2025 بحسب المصدر ذاته، حيث يتوقع أن يستمر تأثيره على النمو الاقـتصادي في المدى القصير، وأكد أن هذا الركود يضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الوطني ويزيد من تحديات القطاعات الاقتصادية المختلفة، مما يتطلب حلولًا اقتصادية عاجلة.

_ الاستثمارات الأجنبية تتراجع والديون بالملايير

بالإضافة إلى ذلك، كشف مكتب الصرف المغربي  عن تراجع كبير في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب، إذ لم تتجاوز قيمة هذه الاستثمارات 10.5 مليار درهم السنة الماضية، مسجلة انخفاضا نسبته تزيد عن 50%.

_ قروض بالملايير والمواطن لم يستفد شيئا

الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، دفع الحكومة إلى اللجوء إلى الحل الأسهل وهو الاستدانة، ولكن الخبراء يؤكدون أنّ هذا الحل سيرهن مستقبل البلاد، ليس اقتصاديا فقط، بل وحتى سياسيا، وأمام هذه الظروف، عبّر  عبد الله بووانو رئيس المجموعة النيابية العدالة والتنمية( التي كانت داعمة للتطبيع عندما كانت العثماني رئيسا الحكومة)  ، عن استيائه لطريقة اشتغال الحكومة برئاسة عزيز أخنوش، لافتا إلى أن منسوب الثقة في العمل الحكومي والبرلمان والمؤسسات المنتخبة “بات في تراجع مستمر

وأضاف النائب البرلماني، في لقاء تنظيمي نظمه حزب العدالة والتنمية بمدينة الدار البيضاء، الأحد 2 فيفري الجاري، أنّ المواطن المغربي “لم يعد يرى في هذه المؤسسات أدوات حقيقية للتغيير”، بل تحول الأمر إلى “فقدان شبه كامل للثقة” بسبب السياسات العشوائية وغياب التواصل الفعّال مع المواطنين.

واستدل المسؤول البرلماني بالتقارير الوطنية والدولية التي تشير إلى هذا التراجع، موضحا أنَّ الحكومة الحالية “لم تقدم أي مبادرات جادة لاستعادة هذه الثقة، بل زادت من حالة الإحباط لدى الشعب المغربي

 

ويرى بووانو أنَّ الحكومة الحالية “أغرقت البلاد في مديونية غير مسبوقة”، حيث اقترض المغرب أكثر من 8.5 مليار دولار خلال ثلاث سنوات فقط، وهو ما يفوق ما اقترضته الحكومات السابقة خلال عقد كامل.

ويضف في معرض كلمته أنهُ رغم هذه القروض الضخمة، “لم نرَ أي مشاريع تنموية حقيقية تنعكس على حياة المواطنين”، حيث لجأت الحكومة إلى “حلول ترقيعية مثل دعم الاستيراد، ما يزيد من تبعيتنا للأسواق الخارجية ويضر بالاقتصاد الوطني على المدى الطويل”، بدلًا من الاستثمار في البنية التحتية ودعم الإنتاج المحلي.

كما سلط بووانو الضوء على غلاء الأسعار  التي تشهد “ارتفاعاً مستمراً”، سواء في المواد الغذائية أو المحروقات أو الخدمات الأساسية. لافتا إلى أن إلقاء الحكومة باللوم على التضخم العالمي، “لا يعبرُ عن حقيقة الوضع الراهن

وأكد المتحدث  :أنّ سياسة الحكومة هي السبب الرئيسي في هذا الغلاء”، مشيرا إلى وجود إمكانية اتخاذ تدابير لدعم الإنتاج المحلي والتحكم في سلاسل التوزيع، لكن الحكومة “فضلت ترك المواطن يواجه الأزمة وحده

وفي سياق متصل يرى بووانو أنَّ الدعم الذي تم رصده لم يؤثر إيجابيًا، “بل زاد من ثروات بعض الفئات على حساب الطبقة المتوسطة والفقيرة”، في غياب تام لأي مراقبة حقيقية للأسواق.

وبخصوص المنظومة الصحية قال بووانو بأنّها “تعيش حالة انهيار غير مسبوقة، مع تفشي الإضرابات ونقص الموارد البشرية وسوء تدبير المستشفيات”، ويؤكد أن الحكومة فضلت “دعم القطاع الخاص بدل الاستثمار في القطاع العمومي

وشدد المسؤول البرلماني على أن العلاج في المستشفيات العمومية أصبح “شبه مستحيل”، بسبب اضطرار المواطن إلى دفع مبالغ باهظة للحصول على خدمات صحية لائقة، بينما الدولة تفرّط في مسؤوليتها الأساسية تجاه صحة المواطنين.

كما انتقد  رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بالمناسبة، قطاع التعليم في المغرب، بحيث وصفه بأنّهُ “يعيش على وقع الفشل المتكرر

وخلص بووانو إلى أنَّ المغرب بحاجة إلى “رَجَّة” سياسية ومجتمعية تعيد ترتيب الأولويات وتضع مصلحة الوطن “فوق الحسابات الضيقة”، مبرزا أن السياسة ليست مجرد تدبير يومي، بل هي فعل مقاومة ضد الفساد والمحسوبية والرداءة.

_ هل يحتاج الشعب المغربي إلى تغيير النظام؟

قد يبدو هذا التساؤل غريبا أو بلا معنى للبعض، ولكنّه حقيقة يحاول المخزن الهروب منها بمهاجمة الجزائر وبث الانتصارات الوهمية في قضية الصحراء الغربية.

النظام المغربي أصبح على موعد شبه أكيد مع مواجهة مسلحة، ليس مع الجزائر، كما تروج بعض الأبواق، ولكن مع مغاربة سئموا من هذا النظام، الذي أذل وأفقر الشعب وخان قضية العرب والمسلمين الأولى، وهي القضية الفلسطينية.

قبل شهرين، أصدر تنظيم “الجيش الشعبي المغربي الحر”، بيانا توعد فيه بتحرير الشعب المغربي من النظام العلوي، الذي ظل جاثما على صدره لعقود طويلة.

وجاء البيان مهللا لما حققته المقاومة السورية بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، بالقول: “الحمد لله الذي نصر الحق وأزهق الباطل. ها نحن اليوم نعيش لحظة تاريخية فارقة. لحظة انتصار عظيم بسقوط نظام بشار الأسد العلوي الذي جثم على صدور شعبه لعقود. ناشرا القهر والفساد والدمار.”

وتابع البيان الموقع يوم 12 ديسمبر 2024 من طرف العقيد سعدي أمبارك: “إنّ هذا الحدث العظيم ليس فقط انتصارا لإخواننا في سورية. بل انتصار للمغرب  والجيش المغربي الحر وهي عهد جديد أعاد الأمل لشعبنا المغربي ليتحرر ويعيش الحرية، العدالة والكرامة في وطنه”

وكشف البيان أنّ عناصر الجيش المغربي الحر شاركت في إسقاط نظام بشار الأسد، “لذا تتوجه قيادة الجيش المغربي  بخالص الشكر والتقدير لأفرادنا الذين قاموا بواجبهم بكل شجاعة وإخلاص في نصرة الحق  ضد الطغاة الظالمين، مشاركين جنبا لجنب إخوانهم من ثوار هيئة تحرير الشام  ضد النظام  العلوي المجرم”، قبل أن يضيف متوعدا: “في انتظار عودتهم سالمين غانمين لاستكمال مسيرة الفتح  وإسقاط الظلم والاستبداد الذي يعاني منه شعبنا المغربي الأبي”

وتابع البيان الموقع في مدينة بئر الحلو الواقعة بالأراضي الصحراوية: “إنّ سقوط النظام البائد في سورية ليس نهاية الطريق، بل هو بداية مرحلة جديدة نحو تحقيق النصر وإسقاط النظام العلوي المغربي الطاغي، فهذا عهد نضع فيه كل الخيارات والإمكانيات ونعمل فيه معا لاستعادة كرامة شعبنا واسترجاع حقوقه بتأسيس دولة تقوم على العدالة والمساواة مثلما سطّره ديننا الإسلام”

وأنهى العقيد سعدي أمبارك بيانه التهديدي للنظام المغربي، قائلا: “نعاهدكم أننا سنواصل المسيرة نحو التحرر بكل أمانة وإخلاص لتحقيق الأهداف التي ناضلنا من أجلها”

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار