جنوب ليبيا تحت رحمة الجراد الصحراوي

الجزائرالٱن _ تعيش مناطق واسعة من الجنوب الليبي، وعلى رأسها واحات تراغن ومرزق، وضعاً بيئياً وزراعياً خطيراً بعد اجتياح أسراب الجراد الصحراوي لمحاصيلها، في مشهد يعيد إلى الأذهان سنوات من التهميش والصمت الرسمي تجاه الجنوب الليبي، الذي يئن تحت وطأة الأزمات.
الجراد، الذي يُعدّ من أخطر الآفات الزراعية في العالم، لم يكتفِ بزيارته العابرة، بل خلّف وراءه بيوضاً وفقست، ما ينذر بموجة تدمير أشد، كما يؤكد مزارعو المنطقة. أحدهم، محمد أرحم جده، عبّر عن خيبته قائلاً: “الجراد جاء ورحل، لكن الكارثة الحقيقية بدأت الآن… البيض الذي تركه وراءه يدمّر ما تبقى من الزرع، ونحن بلا حول ولا قوة”.
ورغم توجيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، منذ أشهر، بضرورة إعطاء الأولوية لمكافحة الآفات الزراعية، فإن الواقع في الجنوب لا يعكس أي تفاعل جدي مع هذا التوجيه، ما يثير استياء السكان، الذين يتحدثون عن “تمييز ممنهج” ضد مناطقهم.
ورغم إعلان “اللجنة الوطنية لمكافحة الجراد الصحراوي” انطلاق حملات رش في بعض المناطق مثل الفيسان ونالوت، فإن الانتشار لا يزال متسارعاً، كما حذّرت فرق المراقبة، خصوصاً في ظل الظروف المناخية الملائمة لتكاثر الحشرة، وتوسع الرقعة الجغرافية لوجودها.
ولم تسلم مناطق الوسط الليبي كذلك من هذه الآفة، حيث باشرت السلطات المحلية في سرت، تحديداً في محلة الحنيوة، عمليات رش مستعجلة بعد رصد بؤر نشطة للجراد، وسط خشية من امتداد الأضرار نحو الشمال.
وتحذّر منظمات دولية، من بينها هيئة مكافحة الجراد الصحراوي التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، من التأثيرات الوخيمة لهذه الموجة على الأمن الغذائي في ليبيا، مشيرة إلى أن بداية 2025 شهدت حركة نشطة لأسراب الجراد في شمال إفريقيا، بما فيها ليبيا.
في المقابل، تواصل فرق الشرطة الزراعية الليبية مراقبة الأودية الجنوبية، خصوصاً في غات، حيث سُجّل تكاثر كبير لليرقات، وهو ما يشكّل تهديداً مباشراً للغطاء النباتي الهش في هذه المناطق.
تجدر الإشارة إلى أن آخر اجتياح كبير للجراد في جنوب ليبيا يعود إلى سنة 2012، حين غزت أسراب ضخمة مناطق مثل غدامس، الواقعة على الحدود الجزائرية، مما يطرح تساؤلات جدية حول فعالية الخطط الحكومية الليبية، ويثير مخاوف مشروعة من امتداد هذا الخطر إلى دول الجوار، في حال بقي الوضع دون سيطرة.