المخزن يواصل التمادي في التطبيع على حساب السيادة

المخزن يواصل التمادي في التطبيع على حساب السيادة

الجزائرالٱن _ في خطوة جديدة تفضح مدى الارتهان المفضوح للمخزن المغربي لأجندات خارجية، صادقت حكومة الكيان الصهيوني، أول أمس الأربعاء، على اتفاقية مع الرباط تتعلق بالنقل البحري، وُقعت في العاصمة المغربية بتاريخ 29 ماي 2023. الاتفاقية التي جاءت تحت غطاء “التعاون البحري”، تكشف مدى تغلغل التطبيع في البنية التحتية المغربية، وتحويلها تدريجيًا إلى ساحة مفتوحة أمام المصالح الصهيونية.

تحت عناوين براقة مثل “حرية الملاحة” و”المنافسة الحرة والعادلة”، تسعى الاتفاقية إلى منح الكيان الصهيوني موطئ قدم في الموانئ المغربية، بل وتمنحه امتيازات لا يحصل عليها حتى الشركاء التقليديون للرباط. وتشمل بنود الاتفاق السلامة البحرية، دخول الموانئ، الضرائب، الرسوم، تسوية النزاعات، والاعتراف المتبادل بوثائق السفن. باختصار، كل ما يمكن أن يسهل اختراق البنية الاقتصادية والسيادية المغربية باسم التعاون.

الأخطر في الاتفاقية أن شركات الملاحة الصهيونية ستكون قادرة على تحويل أرباحها من المغرب بحرية، واستغلال النظام المالي المغربي وفقًا لقوانين صرف العملات الأجنبية، ما يفتح الباب أمام اختراق اقتصادي لا غبار عليه. كما تتيح الاتفاقية فتح ممثليات لشركات الملاحة الصهيونية داخل المغرب، بما يعني حضورًا دائمًا ومباشرًا في قلب المرافق الاستراتيجية المغربية.

وبدلًا من أن توظف السلطات المغربية موقع البلاد الجغرافي الاستراتيجي في البحرين المتوسط والأطلسي لخدمة المصالح الوطنية والعربية، اختارت الخضوع لإملاءات تل أبيب، وتسخير إمكانات الموانئ المغربية لخدمة مشروع صهيوني توسعي، طالما عمل على تفكيك وحدة الشعوب العربية وتدمير نسيجها المشترك.

اللافت في هذا المسار التطبيعي المتسارع، هو صمت المخزن المطبق، واختياره توقيع الاتفاقية بعيدًا عن أي إعلان رسمي أو نقاش شعبي، بما يفضح طبيعته المغلقة وغير الشفافة. كيف يمكن لنظام يدّعي السيادة والانتماء العربي والإسلامي أن يبرم اتفاقيات تمس عمق السيادة الاقتصادية مع كيان يحتل أرضًا عربية، وينتهك يوميًا حقوق الشعب الفلسطيني؟!

إن ما يجري ليس مجرد اتفاق بحري، بل هو فصل جديد من مسلسل التطبيع الوقح، الذي يُدار فوق رؤوس الشعوب وبعيدًا عن إرادتها. الفارق اليوم أن الكيان الصهيوني لم يعد يكتفي بتبادل السفارات والزيارات، بل بدأ في حياكة شبكة مصالح اقتصادية فعلية، تُحكم قبضته على مفاصل الاقتصاد المغربي، بدءًا من الزراعة، مرورًا بالتسلح، وصولًا إلى الموانئ والملاحة.

ويبقى السؤال المطروح على الشعب المغربي والنخب الحية: إلى متى يُسمح للمخزن بمواصلة هذا الانحدار؟ وأين هي الأصوات الحرة التي طالما رفضت أن يكون المغرب مجرد بوابة للتطبيع والتمكين للصهيونية في شمال إفريقيا؟

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار