Image

لا أجد عنوانا لمقالي هذا !!

لا أجد عنوانا لمقالي هذا !!

الجزائر الآن ـ المشاركة في الاحتفالات الرسمية باليوم العالمي لحرية التعبير في حضور زملاء اعلاميين من كل الأطياف والأجيال، ومسؤولين كبار في الدولة سمح لنا بتبادل الأراء و أطراف الحديث حول مهنة المتاعب و شؤون الوطن ومستقبله والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهه، كما سمح لنا باكتشاف حجم الوعي والتجنيد والثقة في مستقبل أفضل رغم تقصيرنا الكبير، و رغم النقائص الكثيرة التي يقر بها الجميع لأننا نسعى الى الأحسن في بلد يستحق منا الجهد والتضحية لخدمة شعبنا مهما كان موقعنا وموقفنا من الأشخاص والسياسات ، ومهما كان تقييمنا لما سبق والوضع الراهن الذي يبقى قابل للتغيير وبحاجة الى تطوير في كل المجالات دون تفاؤل مطلق يقودنا الى الاكتفاء بما تحقق، أو تشاؤم محبط للمعنويات يتنكر للجهد المبذول من طرف أصحاب النوايا الصادقة.

قد يبدو العنوان غريبا والمقدمة مبهمة، تشتت القارئ الذي لا يعرف أين أريد أن أتوجه به لكن الأكيد أنني لن أضع نفسي في موقع الحكم أو المنظر ، بقدر ما أريد التعبير عن وجهة نظر تلزمني لوحدي ، قد يتفق أو يختلف فيها معي البعض ، ويعتبرونها ثقة مفرطة أو تشاؤم محبط للمعنويات ، لكن الحقيقة لا هذا ولاذاك، إذ لا يمكن أن أتغاضى عن حجم الوعي الذي لمسته في أوساط الكثير من رجال السلطة والإعلاميين بأننا في قارب واحد يواجه العواصف من كل الجهات، يقتضي منا قول الحقيقة لبعضنا البعض ولشعبنا ، والتجنيد المستمر، وتشجيع ما يجب تشجيعه وانتقاد ما يجب انتقاده لتصويبه، والبحث عن أفضل السبل لخدمة الوطن والشعب بالمكاشفة والمصارحة التي لا تسيئ للأشخاص، ولا تنقص من قيمة الجهد المبذول، ولا تعطل تنفيذ مشروع المجتمع الذي نريده.

لمست في الأوساط التي التقيتها وعيا بصعوبة المأمورية يصل أحيانا الى درجة الخوف عند البعض من تحمل المسؤولية واتخاذ القرار طبقا للقانون واستجابة للضمير، لكن الكثير من المسؤولين يتحلون بنية صادقة وثقة كبيرة في قدراتنا البشرية والمادية والطبيعية التي تسمح لنا ببناء تلك الجزائر التي نسعى إليها ، والتي تقدس الانسان، وتقدر الكفاءة والجدارة والعلم والجهد ، الجزائر التي تجمع ولا تفرق مهما كانت الصعوبات و الاختلافات في وجهات النظر والسياسات والقرارات، لأن الأمر يتعلق ببلد عظيم، لا يسمح لنا أن نكتفي بما تحقق ، ولا يجب أن تتوقف طموحاته عند توفير الخدمات والأمن والأمان والمأكل والمشرب والملبس ، و لا حتى الاكتفاء بالاهتمام بقطاعات التربية والتعليم والرعاية الصحية لأبناء شعبنا، بل يجب أن نتعدى ذلك لبلوغ درجة الامتياز في كل مجالات الحياة.

قد يتساءل البعض ، هل يكفي الوعي والنية الصادقة والثقة في النفس وفي قدراتنا لبناء الدولة التي نريد، أرد بالنفي طبعا لأن الوطن لا يبنى بالشعارات ولا بشخص واحد نجتمع حوله، أو جهة واحدة دون تجنيد وتوافق حول مشروع يجمعنا ، لأن زمن الرجل المعجزة ولى من زمان مع جيل صار يؤمن بالملموس ويشكك في الخطابات والوعود، لذلك يجب علينا أن نوفر أفضل الظروف لرجل الإعلام حتى يقوم بواجبه في تقديم الخبر الصحيح وتثقيف الناس والترفيه عنهم بصدق و احترافية بعيدا عن تقديس الأشخاص وتمجيد أفعالهم خاصة تلك النابعة من صميم واجباتهم، لذلك ندعو مختلف وسائل الإعلام لتحمل مسؤولياتها في خوض معركة الوعي الجماعي وصناعة الرأي ، مثلها مثل المؤسسات التربوية والتعليمية المدعوة الى تبني إصلاح أعمق في الشكل والمضمون يتوافق مع الظروف ومتطلبات العصر، حتى ولو اقتضى الأمر تغيير المناهج.

وسائل الإعلام العمومية والخاصة مطالبة بمنح مساحات وفضاءات للسياسيين والأحزاب وجمعيات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية، حتى تتحمل مسؤولياتها و تقوم بواجباتها في النقد و تقديم البدائل التي تراها ضرورية لمرافقة كل النوايا الحسنة، أما المؤسسات الاقتصادية والتجارية ورجال المال فقد صاروا بحاجة الى مزيد من التسهيلات التي تضمن تحرير المبادرات بالموازاة مع تشديد الرقابة القضائية التي تفرض عليهم احترام التشريعات والقوانين للحفاظ على المال العام ، وأما النخبة المثقفة فإن دورها صار اليوم أعظم وأكبر في صناعة الإنسان الجزائري الذي يربط بين الحقوق والواجبات ولا يتنصل من المسؤولية التي لم تعد حكرا على الرئيس والوزير والمدير فقط ، بل هي فردية وجماعية ، مباشرة وغير مباشرة ، تقتضي مزيد التجنيد.

سابق لأوانه الحكم وتقييم الوضع بصدق في الجزائر خاصة في ظل الظروف الصعبة التي عشناها، لكن مخطئ من يعتقد أن الجزائر بخير و في مأمن من كل شر يهددها، وأننا استطعنا تجاوز كل المشاكل والصعوبات، و مخطئ أيضا من يعتقد أن أوضاعنا سيئة ورديئة وتعيسة على كل المستويات ، خاصة وأن اعادة بناء ما تم تهديمه لا يتم في بضعة أشهر أو حتى سنوات رغم كل ما تتوفر عليه الجزائر من مقومات بشرية وطبيعية ومادية، تقتضي تجاوبا و انخراطا شعبيا و جهدا اضافيا، ومزيد من الحرية المقرونة بالمسؤولية، وعدم الاكتفاء بما تحقق خاصة في ظل محيط خارجي معادي يتربص بنا ويسعى الى اضعافنا و الهائنا عن تحديات التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نرفعها يوميا.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار