Image

هل فشلنا في مهامنا ؟

هل فشلنا في مهامنا ؟

الجزائر الآن _مشاركتي في الملتقى الوطني للإعلام والاتصال والتكنولوجيا الحديثة كانت بمثابة فرصة للالتقاء بالصحفيين والأكاديميين والطلبة والزملاء من مختلف وسائل الإعلام الوطنية، وتبادل الآراء والأفكار والتجارب والخبرات ، والوقوف على الوضع الحالي للمهنة وأصحابها وأفاق ممارستها في الجزائر، في ظل التحولات التي شهدها البلد منذ الاستقلال ، كان فيها الإعلام جزءا من منظومة نجحت أحيانا وفشلت أحيانا أخرى في أداء مهامها ، وفشلت ونجحت في مواكبة التحولات التكنلوجية، كما فشلت ونجحت في في لعب دورها في الاعلام والتوعية والتثقيف والترفيه، لأسباب ذاتية أحيانا مرتبطة بتكوين المهنيين وتأهيل المؤسسات الاعلامية، وأسباب أخرى موضوعية تتعلق بممارسات السلطة أحيانا ، وعدم تفهم أو تجاوب المتلقي أحيانا أخرى..
كل الذين التقيتهم يتفقون على أن الإعلام في الجزائر مر بمراحل مختلفة، أثر وتأثر فيها بالأحداث والمراحل التي قطعتها الجزائر، فنجح في الحفاظ على قيم الأمة ومقوماتها، والحفاظ على كيان الدولة أمام كل الهزات التي تعرضت لها، لكنه فشل في بلوغ أعلى مراتب المهنية في أداء الرسالة سواء كان عموميا أو خاصا ، في مجال السمعي بصري أو الصحافة المكتوبة ، أو الالكترونية حاليا في ظل منافسة غير متكافئة و غير أخلاقية ولا حتى مهنية مع بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي من مؤثرين أو مهرجين استقطبوا الأنظار لأنهم لايخضعون لضوابط وقواعد المهنة التي يتحلى بها الصحفي المحترف، ولا للأسس والقيم التي تلتزم بها المؤسسات الإعلامية المحترفة، فحدثت القطيعة مع المتلقي الذي استقطبه التهريج والتهييج في وقت تخلت الأسرة والمدرسة والمسجد عن أدوارها التربوية والتعليمية والتوعوية والتثقيفية.
صحيح لا يمكن تقييم الممارسة الإعلامية في الجزائر، وتحديد أسباب تراجعها أو تطورها بمعزل عن ممارساتنا في مختلف المجالات الأخرى، ولا يمكن لأي مجتمع أن يواكب التحولات التكنولوجية الحاصلة في مجال الإعلام العالمي، دون تقييم حقيقي للوضع الحالي وتحديد مسؤوليات كل الأطراف المعنية بالإعلام والاتصال بين مرسل ورسالة ومتلقي، ودون توفير إمكانيات مادية وتقنية اضافية، لكن في الحالة الجزائرية لايمكن انكار الجهد المبذول من رجال ونساء ضحوا بحياتهم ومستقبلهم في أداء رسالتهم، ووسائل اعلام بقيت شامخة في وجه الإرهاب والجهل والتخلف و التسيب والنهب ، و بالمقابل لا يمكن إنكار التقصير الذي حدث ويحدث في أداء الرسالة الإعلامية من الإعلاميين في حد ذاتهم وبعض وسائل الاعلام، ومن السلطة التي استغلت القطاع ولم تستثمر فيه حتى يرافقها من خلال تثمين الايجابيات وفضح الممارسات السلبية.
الملتقى الوطني للإعلام والاتصال وضع الأصبع على النقائص والسلبيات والمتطلبات و آفاق الاستثمار في المجال، وقدم حلولا واقتراحات لا مفر من اعتمادها ، أو على الأقل طرحها على السلطة لمناقشتها ودراستها واتخاذ ما تراه مناسبا لتحقيق النقلة النوعية التي تليق بنا، بالاستناد الى جيل مبدع مهنيا ، متحكم في التكنولوجيات الحديثة ، يسعى لمواكبة التحولات الحاصلة في عالم ظهر فيه مصطلح المواطن الصحفي الذي ينقل في حينه الخبر بالصورة والصوت على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي ، دون أدنى اعتبار للقواعد المهنية والأخلاقية والفنية والتقنية التي يتحلى بها الصحفي المحترف ، المسؤول عن مضمون الرسالة التي يؤديها، والذي لايزال رغم ذلك يعي جيدا ماهو حاصل ، وما يجب أن يكون عليه الحال في المستقبل.
بعيدا عن الأسباب والمسؤوليات لا يمكن الجزم أننا فشلنا أو نجحنا ، لأن الأمر نسبي ومرتبط بالظروف والمستجدات ، لكننا لم نكن في مستوى بلدنا وتطلعات شعبنا، ولا في مستوى مسؤولياتنا المهنية والأخلاقية تجاه المهنة، و مسؤولياتها كسلطة رابعة لم تحسن استغلال نفوذها ، ولم تحافظ على قداسة رسالتها، ولم تدافع عن حقوقها بسبب التشتت الذي حصل في أوساط اعلاميين ووسائل إعلام قصروا في واجباتهم قبل أن تقصر السلطة في حق سلطة عملت على ترويضها في كل المراحل التي مرت بها الجزائر.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار