Image

حفيظ دراجي يكتب “للجزائرالآن “: حتى الاستعمار الفرنسي كان يدافع عن نفسه في الجزائر!

حفيظ دراجي يكتب “للجزائرالآن “: حتى الاستعمار الفرنسي كان يدافع عن نفسه في الجزائر!

الجزائر الآن _حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها هو عنوان الشعار الذي ترفعه منذ السابع أكتوبر الجاري ، ويرفعه معها الغرب وأمريكا في المحافل الدولية و وسائل الاعلام العالمية لتبريرالعدوان الحاصل على غزة والذي أودى بحياة أكثر من ستة ألاف شهيد، نصفهم نساء وأطفال، واصابة عشرات الألاف ، وتهديم جزئي لمدينة غزة ومساجدها وكنائسها ومستشفياتها ومدارسها وبيوت الأمنين من المدنيين، وسط صمت عربي وتواطؤ غربي ، يعتبر أن اسرائيل بصدد الدفاع عن نفسها ضد هجمات المقاومة الفلسطينية التي تعتبر بدورها عمليات طوفان الأقصى دفاعا عن النفس والأرض ضد محتل لم يتوقف منذ عقود عن قتل الفلسطينيين واعتقالهم وتشريدهم وتدنيس مسجدهم وقدسهم واحتلال مزيد من أراضيهم دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكنا .

دفاع الفلسطينيين عن شرفهم وأرضهم صار في نظر الغرب هجوما على شعب يهودي مسالم من طرف تنظيمات ارهابية فلسطينية يجب محاربتها، وهجوم الاسرائيليين على غزة وشعبها تحول في الى دفاع عن النفس يجب دعمه وتأييده والسكوت عن همجيته التي أودت بحياة أكثر من ثلاثة ألاف طفل وألف امرأة، وتهجير مئات الألاف من بيوتهم أمام أنظار عالم عربي متخاذل جبان، وعالم غربي متواطؤ ومتستر على جرائم حرب ضد الانسانية، بل مؤيد لها بعد أن صنفها ضمن خانة حق الدفاع عن النفس ومحاربة الارهاب الاسلامي المتطرف حسب تعبير الأمريكان والأوروبيين ، الذين كشفوا عن انحيازهم و غلهم وحقدهم على العرب والمسلمين ، عندما راحوا يصطفون مع اليهود ويعتبرونها حربا دينية ضد الإسلام والمسلمين.

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زار اسرائيل كغيره من زعماء أمريكا وألمانيا وايطاليا، وأبدى دعمه الكامل للعدوان، وانسجامه مع موقف اسرائيل ، بل انسجامه مع طبيعة فرنسا الاستعمارية والعنصرية التي كانت تعتبر نفسها في حالة دفاع عن النفس في حربها على مجاهدي جيش التحرير الجزائري الذين كانت تعتبرهم قطاع طرق وارهابيين وهم الذين كانوا في نفس وضعية الشعب الفلسطيني ومقاومي الاحتلال الاسرائيلي ، قبل أن يأتيه الرد من الرئيس التركي طيب رجب أوردوغان الذي نفى عن حماس صفة التنظيم الارهابي، بل وصف فصائل المقاومة بمجموعات تحررية تجاهد وتكافح من أجل الدفاع عن شعبها وارضها ، كما كان الحال بالنسبة لمجاهدي جيش التحرير أثناء الثورة الجزائرية، لذلك تعتبر الجزائر أكثر بلد قادر على فهم معنى الاحتلال الاستيطاني الذي يقتل ويحرف الحقائق ويتهم الثوار والمقاومين بالإرهابيين والخارجين عن القانون.

حتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبر عن قلقه واستيائه إزاء الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الانساني في كلمته امام مجلس الامن الدولي التي قال فيها “ان هجمات حماس لم تحدث من فراغ ، وأن الفلسطينيين يتعرضون للاحتلال منذ 56 عاما”، وهو التصريح الذي دفع السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة الى دعوة غوتيريش للاستقالة لمجرد أنه قال الحقيقة، كما قررت الحكومة الإسرائيلية رفض منح تأشيرات دخول لموظفي الأمم المتحدة احتجاجا على تصريحات الأمين العام المنحازة لحماس حسب تقدير إسرائيل وحلفائها الذين يقفون بدورهم في المحافل الدولية و وسائل الاعلام لكل من يبرر عمليات طوفان الأقصى، أو يندد بطوفان إسرائيل الذي بلغ درجة الاجرام الذي تدينه كل الديانات السماوية والتشريعات الدولية .

الحرب على غزة قلبت المفاهيم رأسا على عقب فأصبح المدافع عن حقه ارهابيا يجب أن يسحق ويدفع شعبه الثمن، والمحتل مظلوما من حقه الدفاع عن نفسه، بل الهجوم على غيره في الميدان وفي أروقة المنظمات الدولية ووسائل الاعلام الغربية ووسائط التواصل الاجتماعي التي بقيت حصنا وملاذا لأحرار العالم الذين بدأوا يقلبون موازين المعادلة من خلال نشر الصور والفيديوهات والأخبار والتصريحات التي تدين إسرائيل، والتواطؤ الغربي، والصمت العربي، لكن الجزائر لم تسكت عن فضح الجرائم والتنديد بها في كل المحافل الدولية ، وتقديم المساعدات الإنسانية لأهلنا في غزة من باب الواجب تجاه قضية ، لم نبخل عليها منذ استقلالنا ، ولن نتراجع عن دعم شعبها ومقاومتها .

قانون الغاب الذي تريد أن تفرضه علينا أمريكا وإسرائيل ومن يواليهما تفرض على الجزائريين مزيدا من التكاتف والتلاحم والحرص على تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الخارجية التي تنتظرنا وسط محيط معادي يتربص بنا لأننا لم نسقط في وحل التطبيع، ولم نتراجع عن مواقفنا ومبادئنا المستمدة من قيم ثورتنا التي كانت تعتبرها فرنسا إرهابا مثلما تعتبر إسرائيل المقاومة الفلسطينية اليوم إرهابا، وتعتبر أمريكا التطبيع سلاما، ونعتبره نحن استسلاما وذلا وهوانا.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار