Image

الرهانات الديبلوماسية للجزائر لعام 2024

الرهانات الديبلوماسية للجزائر لعام 2024

نعتقد بهذه الصحيفة الإلكترونية” الجزائر الآن ” بأن الرهانات الديبلوماسية للجزائر لعام 2024 مهمة وغير مسبوقة  .

عام 2024 هو عام التحديات بالنسبة للجزائر ودول وازنة أخرى.

كما نعتقد بأنه عاما لإعادة تشكيل خارطة جديدة لما بعد القطبية الأحادية .

و بالتالي يصح القول أيضا بأنه عام التموقع في خريطة جغرافية تتشكل من جديد و بحسابات ومصالح  جديدة   .

إذن بات لزاما علينا قراءة المشهد جيدا وعدم الوقوع في الخطأ بما في ذلك  خطأ “العاطفة “كجزائريين، سواء كنا شعبا أو دولة ،لأن  هذا الواقع البرغماتي فرض نفسه علينا كبلد تماشيا مع التطورات وسير عجلة التاريخ العالمية .

بات لزاما علينا أن نوازي بين مبادئنا التي تركها لنا الشهداء  ـ و من واجبنا عدم التخلي عنها ـ  وبين مصالحنا التي فرضتها  الظروف علينا  و الوقائع، و أصبح واجبنا كشعبا ودولة   أن ندافع عنها بشراسة سواء كانت في حدودنا أو حتى البعيدة عن حدودنا و بالطريقة اللازمة التي لا تتعارض مع مبادئنا ولا أخلاقنا .

الرهان الأول لعام 2024 لنا كجزائريين  يجب أن يكون عاما للإستقرار ولتعزيز اللحمة الوطنية  و التفكير الصحيح و الخطوات المدروسة والدقيقة في كل الملفات الشائكة التي تعنينا كبلد شعبا ودولة   .

هو عام الزرع الديبلوماسي خاصة و أن الجزائر عضوا  بمجلس الأمن الدولي .

وبالتالي كما هو عاما للزرع ، هو أيضا عاما للإمتحان .

نجاحنا في رهان عام 2024 يعني حصدنا مكان ضمن عالم جديد يتشكل لما بعد هذا العام، لذلك الجميع يسارع لأخذ مكانة ضمن هذا العالم الجديد الذي ستتضح معالمه أكثر مع نهاية هذا العام وعلى أقصى تقدير بداية عام 2025 .

عاملا مهما جدا تمتلكه الجزائر مقارنة بباقي الدول هي أنها تمتلك رئيسا لا يولي أي حسابات أو مصالح لأي كان و لأي بلد  عندما يتعلق الأمر بمصلحة الجزائر ، وأنا أقول هذا الكلام وانا الذي حاورت الرئيس تبون ثلاثة “3” مرات، مرة “1” كمترشح للرئاسيات  وم.للجمهورية  و أنا كمدير لهذه الصحيفة .

كما تمتلك الجزائر عاملا مهما آخرا  لا تمتلكه الكثير من الدول وهو أن جيشها الوطني الشعبي ،جيش شريف، لأنه سليل جيش التحرير الوطني الذي حرر الوطن و أسس الدولة الجزائرية .

لكل هذه العوامل أقول نعم الجزائر ستنجح في رهانها الديبلوماسي لعام 2024 .

ونلخص الرهانات الديبلوماسية للجزائر لعام 2024   كالتالي : 

ـ  المحيط المباشر : 

1ـ تونس :المحافظة على قوة علاقة الجزائر  بتونس الشقيقة و توطيدها أكثر.

وهنا أتوقع بل أتمنى  أن يجري وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف هذا العام  زيارة ولو من باب المجاملة لتونس .

2 ـ ليبيا : ضرورة تعزيز علاقتنا بليبيا الشقيقة و التعامل مع  هذا البلد الشقيق بذكاء وفطنة و برغماتية، خاصة مع تواجد بعض القوى المعادية للجزائر بهذا البلد الشقيق و التي تعمل على إستهداف الأمن القومي لبلد الشهداء .

3 ـ ملف الساحل : علينا أن نتعامل مع مستجدات منطقة الساحل التي تعتبر  منطقتها إمتدادا لأمننا القومي بذكاء ودهاء وفطنة وبرغماتية لأن المعطيات تغيرت و اللاعبون بالمنطقة تغيرو أيضا و إستهداف الجزائر من جنوبها الكبير بات واضحا للعيان.

4 موريتانيا : ضرورة تعزيز العلاقات مع موريتانيا الشقيقة في شتى المجالات مع التركيز خاصة على المجال الإقتصادي ومن دون شك فإن الرئيس تبون نجح إلى حد كبير في إعطاء هذا الملف حقه لما له من أهمية بالغة .

5 المغرب : ضرورة الإبقاء على سياسية الفطنة والحذر مع بلد جار متحالف مع الكيان الصهيوني و القوى المعادية للجزائر  يستعمل كل الطرق الخبيثة و الغير أخلاقية لإستهداف بلد المليون نصف مليون شهيد  ضمن تحالفات دولية غالبية الدول بما فيها الكبرى أصبحت لا تعترف لا بالمبادىء و لا حقوق الانسان ولا الديمقراطية و لا حتى الحريات عندما تعارض مصالحها . بل أن التحالفات أصبح و أمام مرأي ومسمع العالم تعقد بناء على المصالح و المنافع و الدليل أن المغرب المتورط في فضائح بيغاسوس و متهم بقتل المهاجرين الأفارقة في مجزرة سبتة و يحتل الأراضي الصحراوية تحصل على 47 صوت لرئاسة مجلس حقوق الإنسان في لأمم المتحدة على حساب بلد له تقاليد في حقوق الانسان والدفاع عنها ألا وهو جنوب إفريقيا  أي بلد الزعيم مونديلا ، الذي تحصل على 17 صوتا فقط ،طبعا دون أن نغفل  أن مصدر الدخل الأول لهذا البلد الجار من عائدات المخدرات .

ـ بالنسبة لعلاقاتنا بكبرى الدول و الأقطاب : 

1ـ  روسيا : من الواضح جدا بأن السياسية الخارجية لروسيا تنتهج مؤخرا  نهجا برغماتيا أكثرا فأكثر .

و بالتالي و رغم وجود فوارق كبيرة في تعاطي روسيا و أمريكا  مع الملفات الدولية، إلا أن الظاهر بأن روسيا سياستها الخارجية أصبحت برغماتية أكثر فأكثر ، وحتى أكون هنا صريحا إلى حد معين، بحسب رأي الخاص علينا أن نضع أعيننا أكثر فأكثر عل التحركات والتحالفات الروسية بالمنطقة والعالم .

كما بات لازاما علينا بحسب رأي الخاص دائما أن نرصد إستراتيجية روسيا  المستقبلية بالمنطقة وتحالفاتها.

كما بات من اللازم علينا أن نفهم جيدا و بعدها نقرر ما نفعله بخصوص تحركات و تحالفات شركة فاغنر الروسية خاصة فروعها التي تنشط بالمحيط الجغرافي الذي يعتبر إمتدادا للأمن القومي الجزائري و كذلك تفاصيل أخرى.

2 ـ أمريكا : علينا المحافظة على علاقات محترمة مع الولايات المتحدة الأمريكية و ذلك لعدة أسباب موضوعية وبرغماتية وليس أمامنا إلا أن نكون برغماتيين في هذا الملف لأن الجميع “برغماتي” خاصة وأننا الآن أعضاء بمجلس الأمن الدولي ولمدة عامين .

من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أن تتعامل مع الجزائر وهي تعلم من هي الجزائر وكذلك تعلم بأن الجزائر لا يمكنها إلا أن تكون مع القضايا الدولية العادلة.

و بالتالي هذا لا يعارض ذاك ،وعند محاورتي لنائب وزير الخارجية الأمريكي جوشوا هاريس مؤخرا شعرت بإقتناع وقبول الولايات المتحدة الأمريكية لهذه المباديء الجزائرية لأنها مباديء شعب ودولة خلافا لدول عربية أخرى وكذلك أخبرني عدد من الأصدقاء إلتقو سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا .

3 ـ الصين : علينا تعزيز علاقتنا مع الصين لأنها وببساطة ستكون الرقم واحد بالعالم  مستقبلا وذلك بحسب جميع الدراسات ومن طرف جميع الجهات .

4ـ  فرنسا : فرنسا لا يمكنها أن تكون صديقة للجزائر لا عام 2024 و لا عام آخر قريب  ، لعدة إعتبارات، وعلى رأسها أن اللوبي اليميني المتطرف بباريس و المتحالف مع المخابر الصهيونية لا يريد ذلك.

كما أن الدولة العميقة الفرنسية لا تريد ذلك غير أن مصلحة فرنسا أن لا تكون للجزائر عدوة في العلن و كذلك مصلحة الجزائر و الشاهد على ذلك العلاقة بين البلدين منذ الإستقلال إلى الآن .

5ـ  إيطاليا وألمانيا ودرجة أقل بريطانيا : بإمكاننا تطوير أكثر فأكثر علاقتنا مع إيطاليا لعدة عوامل موضوعية معروفة و كذلك ألمانيا رغم التغير الغير مفهوم في مواقف هذه الدولة التي كانت إلى وقت قريب مواقفها الخارجية جد محترمة تجاه القضايا العادلة أما بريطانيا فإمكاننا أن نحسن ونطور أكثر علاقتنا معها هذا العام .

6ـ إسبانيا : ملف إسبانيا ملف خاص وعلينا التعامل معه كملف خاص وعام 2024 أتوقع أن تكون العلاقة بين الجزائر وإسبانيا أحسن بكثير من عام 2023 ومؤشرات ذلك بدأت تلوح في الأفق وما يجمعنا مع إسبانيا أكثر مما يفرقنا رغم محاولات اللوبي المعادي للجزائر ضرب هذه العلاقة التي كانت دائما متينة  .

ـ بالنسبة لدول الخليج ومصر وتركيا  :

1 ـ قطر : بإمكان العلاقات  السياسية الجزائرية القطرية أن تترجم  عام 2024  إلى علاقات إقتصادية كبيرة جدا جدا ، بل بإمكان العلاقات الجزائرية القطرية أن ترقى إلى علاقة تحالف في عديد الملفات شريطة أن تترجم النية الصادقة فوق الميدان.

2 ـ تركيا : ما يقال على العلاقات الجزائرية القطرية يقال على العلاقات الجزائرية التركية و أعتقد بحسب رأي الخاص ومن خلال متابعتي للمشهد بأن الطابور الخامس بالجزائر لا يريد لها  أن تكون لها علاقة قوية بهاذين البلدين الشقيقين  ،ويعمل ليلا نهارا على تكسيرها ،ولولا الإرادة القوية والصادقة لدى الزعماء الثلاث ” الرئيس تبون ، الرئيس أردوغان و أمير قطر تميم ،لكانت علاقة الجزائر بهاذين البلدين الشقيقين تحت المتوسط ،رغم التأثير القوي والواضح لقطر وتركيا على شتى الأصعدة بما في ذلك الأصعدة التي تصب في مصلحة الجزائر  .

3 ـ السعودية : بإعتبار المملكة العربية السعودية لاعب إقليمي وحتى عالمي وازن، أتوقع أن تتطور العلاقة أكثر فأكثر مع المملكة العربية السعودية عام 2024 التي كانت أول بلد يخصه الرئيس تبون بزيارة خارجية  ، ورغم ما تركه غياب ولي العهد السعودي عن قمة الجزائر و إنفراد المملكة بالملف السوري الذي كانت الجزائر تريد عودته من بوابة قمة لم الشمل في نوفمبر 2022  ورغم وبعض التفاصيل الأخرى، إلا أن العلاقات الجزائرية السعودية هي أكبر ،وعليها أن تكون أكبر، وذلك لدوافع مختلفة و مصالح مشتركة  ،لأن الحقيقة التي تقال بأن المملكة العربية السعودية دولة و ليست دويلة   .

4 ـ الكويت : علينا تطوير العلاقة الممتازة التي تربط الجزائر بدولة الكويت الشقيقة خاصة بعد إعتلاء الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح منصب أمير البلاد وهو الذي تربطه علاقة ممتازة بالجزائر و تحديدا بالرئيس تبون .

5 ـ سلطنة عمان : أتوقع أن نحافظ عام 2024 بنفس العلاقة الطيبة مع سلطنة عمان صاحبة المواقف التي تجبر أي شخص محترم على إحترامها .

6 ـ مصر : العلاقات المصرية الجزائرية بحسب رأينا  أصيبت بخدش هذا العام  بعد الدور الغير ودي الذي قامت به السلطات المصرية في ملف المصالحة الفلسطيني الذي أشرفت عليه الجزائر ونتوقع أن تتحسن العلاقة، و لابد لها أن تتحسن  وتتطور ،لأن الجزائر من مصلحتها مصر قوية صاحبة قرارها السيادي لا تشاركها معها أي دويلة ذات أهداف ومخططات خبيثة تحاول إستغلال وضعها المادي .

كما أن مصر تعرف جيدا أنها ستجد الجزائر ظهيرا لها عند الحاجة كما كانت عبر التاريخ . 

7 ـ الإمارات : العلاقة مع الإمارات عام 2024 بإعتقادي الخاص مفتوحة على كل الجبهات خاصة بعدما أصبح المخطط العدائي لأبوظبي  يستهدف الجزائر .

و نعتقد بأن بيان المجلس الأعلى للأمن الجزائري  الأخير لخص كل شيء بخصوص مستقبل العلاقة مع هذا البلد الذي يقطنه 665 ألف مواطن إماراتي و 8.7 مليون مواطن أجنبي  .

 ـ  دول أمريكا اللاتنية : علينا المحافظة على علاقاتنا الجيدة مع عدد كبير من دول أمريكا اللاتنية لما تمتلكه  هذه الدول من قدرة على قول كلمة الحق في المحافل الدولية وعند الضرورة .

كما علينا العمل على تحسين علاقات مع دول أخرى من ذات القارة .

ـ الدول الأفريقية : رغم الأفعال  العدائية   الذي تقوم بها الإمارات و الكيان الصهيوني والمغرب لإستهداف العلاقات المتينة التي تمتلكها الجزائر مع عدد من الدول الأفريقية إلا أن النظرة الإستشرافية للجزائر والرئيس تبون في هذا الملف سيكون لها دور فعال عام 2024.

و بالتالي بات لزاما علينا ونظرا لإستهدافنا من ثالوث الشر وحلفائه  أن تبقى اليقضة و الحملات الإستباقية مع هذه الدول الأفريقية و أتوقع توطيدا أكثرا في العلاقات مع نيجيريا ، جنوب إفريقيا و كينيا و إثيوبيا و دول إفريقية أخرى مثل أوغندا وسيراليون و السينغال …

ـ دول شرق أسيا : عام 2024 قد يعرف تطوير علاقة الجزائر بهذه الدول التي نجحت في بناء إقتصادياتها رغم  عن التجاذبات السياسية الدولية خاصة منها ماليزيا و كوريا الجنوبية وسنغافورة وطبعا الصين الشعبية و اليابان .

ـ الرهانات بالنسبة للقضايا العادلة 

ـ أ ـ القضية الفلسطينية : ستبقى الجزائر تناصر وتدافع عن حق الشعب الفلسطيني في الحصول على إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .

ولما لا يشهد عام 2024 أو 2025   مفاجأة من العيار الثقيل  بحصول فلسطين على العضوية الكاملة  بالأمم المتحدة تماشيا مع مخرجات القمة العربية التي عقدت بالجزائر شهر نوفمبر 2022

ـ ب ـ القضية الصحراوية : ستبقى الجزائر عام 2024  تدعم حق الشعب الصحراوي في الحصول على حقه الطبيعي و المشروع في تقرير مصيره عن طريق إنتخابات حرة ونزيهة  تماشيا مع القانون الدولي و قرارات  الأمم المتحدة .

الخلاصة: ليس أمام الجزائر خيارا اخرا غير النجاح عام 2024 .

عام 2024 سيكون كما نراه عام الإستقرار و الإستمرار داخليا و عام التحالفات المدروسة و البرغماتية التي تتماشى ومباديء الجزائر خارجيا .

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار