Image

عيد برائحة الموت في غزة .. بأي حال عدت يا عيد؟!

عيد برائحة الموت في غزة .. بأي حال عدت يا عيد؟!

الجزائرالآن_ ستكون أنظار كل المسلمين مساء اليوم الاثنين 29 رمضان 1445 إلى السماء لتحري هلال شوال، الذي يحمل معه كل عام فرحة العيد، ولكن أنظار الفلسطينيين، لن تكون بالتأكيد بحثا عن الهلال الذي سيظهر لا محالة اليوم أو غد، ولكن ربما لانتظار مساعدات تأتي من السماء، قد تخفف عنهم آلامهم التي طالت، ولم تجد من يعينهم على تجاوزها، مادام الجاني ومساعدوه هم الأقوى، في حين أشقاء الضحية قد يكونون مثله مستضعفين أو خانعين أو مطبّعين.

الفلسطينيون سيستقبلون عيد الفطر هذا العام بأكثر من  120 ألف ضحية  من الفلسطينيين، بينهم قرابة 33000 شهيد و7000 مفقود و75000 جريح ومصاب، و3500 أسير، وما نسبته 73% من هؤلاء الضحايا هم من فئة الأطفال والنساء والمدنيين، ودمر الاحتلال أكثر من 360000 وحدة سكنية، وهذا يعني أنّ قرابة 1500000 شخص فقدوا مأواهم وبيتهم وشقتهم السكنية بشكل كامل، ولن يقضوا هؤلاء العيد في منازلهم، وهذه كارثة إنسانية حقيقية من الصعوبة بمكان أن يتجرع الإنسان كل هذا الكم الكبير من الألم والحسرة نتيجة عدوان الاحتلال، كما دمر الاحتلال أكثر من 1000 مسجد وكنيسة ومدرسة وجامعة ومستشفى، دمرها بشكل كامل.

هذه الإحصائيات تكشف حجم قليل من المعاناة التي يعيشها سكان قطاع غزة، الذين من المفترض أن يستقبلون عيد الفطر، والنسبة الأكبر من منازل الفلسطينيين في القطاع هدمت، ويعيش ما يقرب من 2 مليون فلسطيني نازحين بين شمال وجنوب القطاع، بينما لم تعد أسواق غزة مليئة بالبضائع والملايس كما كانت في السابق، بعدما حاصر الاحتلال القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.

لا ملابس جديدة، لا حلوى ولا حتى “الفسيخ المالح”

إذا كان عيد الفطر مناسبة لنشر الفرحة خاصة بين الأطفال، من خلال ارتدائهم الملابس الجديدة وتحضير الحلويات، فإنّ هذا العام سيكون مختلفا كثيرا في غزة.

المعروف عند الفلسطينيين، أنّهم يستقبلون العيد بـ”الفسيخ المالح”، وهي أكلة أساسها سمك “البوري”، الذي يتم تجفيفه وتمليحه لما يزيد عن الأسبوعين، إلى أن يحصل على اللون الذهبي أو الفضي وتكون رائحته فواحة، لكن أسواق هذا العام، لا يوجد بها فسيخ أو “رنجة” ولا حتى طماطم.

كما أنّ محلات بيع “الكحك” (الكعك) أغلقت أبوابها، لأنّ الناس توقفوا عن شراء الحلوى، وحتى المحلات القليلة جدا التي ماتزال مفتوحة، تبيع الحلويات بأثمان مرتفعة جدا لم يعد الغزاويين قادرين على دفعها.

وعن هذا الموضوع، قال الإعلام الفلسطيني، أسامة الدحدوح، لصحيفة “اليوم السابع” المصرية: ” سنتذكر الساعات والدقائق الجميلة مع تكبيرات العيد ولبس الملابس الجديدة والذهاب للمساجد وزيارة الأهل والأحباب والأخوة والأخوات وتقديم العيدية لهم ولكن اليوم كل هؤلاء في معاناة وهناك 2 مليون فلسطيني نازحين، والعائلات الفلسطينية تشتت بين مدن غزة وشمالها وجنوبها والكثير منا فقد عائلاته وأبنائه وأسرته والمعاناة على أشدها، وما زال الاحتلال يرتكب المزيد من المجازر وتدمير مستمر ومفتعل من قبل الاحتلال للبنية التحتية والمنازل والمساجد”.

ألف سؤال وجواب واحد

ويتساءل سكان غزة، أين سيصلى الناس صلاة العيد؟ كيف سيسمح الاحتلال بتوجه الفلسطينيين لصلاة العيد الساعة السادسة صباحا؟ وأين سيذهبون بعد تدمير الغالبية العظمى من المساجد؟ وكيف سيتجمع الناس والاحتلال يتعمد استهداف كل تجمع للفلسطينيين المدنيين؟ ومن أين سيأتي الناس بكحك (كعك) العيد الذي كان يعدونه خلال عيد الفطر بجانب إعداد أكل الفسيخ الذي كان مقدسا بالنسبة لأهالى غزة خلال عيد الفطر وهم الآن لا يجدون طعاما أو سحورا في رمضان، ولا يوجد مواد غذائية مثل الخضار يأكلونها بل أصبح هذا الطعام حلما بالنسبة لهم ثم يتحدثون عن عيد أي عيد يتحدثون عنه بل بأي وقت وزمان ومكان جئت يا عيد؟

رغم أنّ الأسئلة كثيرة إلا أنّ لها جواب واحد وهو، أنّ الاحتلال الصهيوني قتل بهجة عيد الفطر على الفلسطينيين، وأنّ “العيد” هذا العام سيكون جرح أخر يزيد من عمق هذه الآلام والمعاناة.

الغزاويون محرمون من رؤية أبائهم وزوجاتهم وأشقائهم في العيد.. والبيوت لم تعد مزينة

الأكيد أنّ عيد الفطر في غزة، هذا العام، لن يختلف عن رمضان، إذا استمر الحاجز الصهيوني الذي فصل شمال غزة عن جنوبه، خاصة أنّ العيد في أساسه التقارب والتزاور وصلة الرحم، وكثير من العائلات انقسمت بين الشمال والجنوب فالأخ سيحرم من أخوه واخته والأم ستحرم من عدد كبير من أبنائها وكذلك العكس والزوج قد يحرم من زوجته وأبنائه، كما أنّ كثير من الأباء أرسلوا زوجاتهم وأبنائهم إلى الجنوب وبقوا وحدهم في الشمال.

باختصار العيد سيكون صعبا، وسيكون العيد الأول في هذه الحرب الذي فقد فيه الفلسطينية عشرات الآلاف من الشهداء من الأقارب والأزواج والأبناء والزوجات وكل عائلة فقدت لها حبيب سواء شهيد أ وفقيد أو جريح أو أسير وبالتالي سيكون عيد صعب للغاية، حتى البيوت التي قصفت ودمرت لن تتزين لا بزينة العيد ولن تتزين بزيارة الأقارب والأحباب ووجود من كان حيا على هذه الأرض من الأحباب وستكون الظروف صعبة للغاية في هذا العيد وكان الله في عون أهل غزة على هذا المصاب والفراق والفقد.

اللهم بلغنا عيد الفطر أحياء غير أموات

هذه هي أمنية كل فلسطيني مازال يتنفس، رغم آلة الحرب التي تسلطها قوات الاحتلال الصهيوني على سكان غزة منذ أكثر من 6 أشهر، فالغزاويين كبارهم وصغارهم، نساؤهم ورجالهم لم تعد لهم أمنيات أخرى في هذا العيد، هم لا يريدون ملابس جديدة ولا حلويات مختلفة، ولا مكان للتنزه، فقط أمانيهم أو أحلامهم اختصرت في حلم واحد وهو البقاء على قيد الحياة .. نعم هذه هي الحقيقية عندما يصبح الحق في الحياة حلمًا.

تقول إيمان سلامة، وهي واحدة من مئات الآلاف نزحوا عن شمال القطاع ووسطه إلى رفح التي يتوعدها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بالغزو البري، لصحيفة “الشرق”: “حالياً حُرمنا من معنى الحياة.. وحرمنا من الشعور بالأمان لا نعلم إن كان سيأتي العيد ونحن على قيد الحياة، لقد حٌرمنا من أن نكون بخير الحرب أتعبتنا لدرجة أننا نسينا معنى أن نكون بخير”.

وتتابع: “غزة دمرت وبيوتنا دمرت وعائلاتنا تشتت وفقدنا الكثير من الأحبة، لا أحد في غزة بخير ولا مكان لجملة كل عام وأنت بخير، فنحن لسنا بخير”.

أما اسماء حجازي، وهي نازحة أخرى، فتقول: “في السنوات السابقة كنا ننتظر قدوم العيد، ونتجهز له كانت الأجواء مميزة.. كنا نتوجه للسوق، ونشتري ملابس العيد. اليوم نعيش أجواء مأساوية.. لسنا قادرين على استقبال العيد، ولا قدرة لنا على أن نكون بخير”.

أما محمد إسماعيل بعبارات يائسة من فم أب راحت منه أسرته في شهور الحرب، يقول: “نستقبل العيد ووضعنا مأساوي ومصيرنا مجهول لا نعلم ما القادم، ولا ندري ما الذي ينتظرنا”.

ويضيف: “كل عام وأنت بخير كذب.. لا أحد في قطاع غزة بخير.. فنحن ننتظر مصيرنا المجهول. فقدنا أحبتنا وبيوتنا، سنفتقد أجواء العيد وصلاة العيد، حتى إننا لن نتمكن من أن نصل الرحم لقد فرقتنا الحرب، أصبحنا موزعين في الشمال والجنوب، سأفتقد عيدية الأطفال وأصواتهم وفرحتهم بالعيد، وشراء الملابس وكعك العيد”.

ويقول خالد محمد وهو نازح استقر به المقام في رفح لوكالة وأضاف لوكالة أنباء العالم العربي: “أول عيد يمر بهذه الظروف والأجواء من الدمار والموت والدم والشهداء، لا نريد لهذا العيد أن يأتي”.

ويصف خالد كيف كانت غزة تستيقظ في العيد بالتهليل والتكبيرات، كغيرها من البلاد التي يحتفل أهلها بصوم شهر رمضان، ثم يستقبلون عيد الفطر.

وقال: “كنا نرى الفرحة على وجوه الجميع.. الآن نستيقظ على أصوات القصف والصراخ والفقد والدمار”.

سيكون عيداً ملؤه الحزن والإحباط لمئات الآلاف في القطاع ممن فقدوا الكثير من الأحبة، حتى أن خالد يستبعد أن يبادر للتهنئة بحلول العيد. وأضاف: “لقد انتهينا فكرياً وعاطفياً، الحرب دمرتنا”.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار