Image

قضية جماجم المقاومين الجزائريين الموجودة بمتاحف باريس في طريقها للحل

قضية جماجم المقاومين الجزائريين الموجودة بمتاحف باريس في طريقها للحل

الجزائرالآن_ يبدو أنّ قضية جماجم أبطال المقاومة الشعبية الجزائريين الموجودة بمتاحف باريس في طريقها للحل، حسب ما كشف النائب الفرنسي، كارلوس مارتينز بيلونغو، الذي أكد اكتمال الإطار القانوني الذي يسمح بإعادتها (الجماجم)، وهو الإشكال الذي ظل يعرقل المطلب الجزائري منذ سنوات طويلة.

وأوضح بيلونغو خلال زيارته للجزائر الخميس في تصريحات للقناة الدولية الجزائرية، أنّ فرنسا اعتمدت في ديسمبر الماضي، مرسوماً يسمح بإعادة البقايا البشرية الخاصة بمستعمراتها السابقة إلى بلدانها، وهو ما يدخل في إطاره ملف جماجم المقاومين الذين تطالب الجزائر باستعادتهم.

وينص المرسوم الذي عملت عليه وزارة الثقافة الفرنسية على أن تقدم الحكومة في غضون عام واحد من تاريخ نشر القانون، تقريراً إلى البرلمان يحدد الحلول الممكنة لوضع إجراء دائم لإعادة البقايا البشرية التي يتم الاحتفاظ بها في المتاحف.

وتأتي هذه الخطوة تتويجاً للعمل الذي قام به نائب كتلة “فرنسا الأبية” اليسارية في البرلمان، حيث قدم في 2 نوفمبر 2022، مقترح قانون جريء ينص على إقرار إعادة رفات الجزائريين دون قيود أو شروط من أجل دفنها بطريقة لائقة، بعد أن استعرض في ديباجة المقترح عراقيل قانونية وإدارية كانت دائماً تعطل عملية إرجاع الجماجم، باعتبارها حسب القوانين الفرنسية ملكاً للمجموعة الوطنية.

وذكر بيلونغو في عرضه مقترح القانون الذي لقي دعماً من عشرات النواب، أنّ هذه الجماجم تعود لفترة هي الأسوأ في التاريخ الاستعماري للدولة الفرنسية خلال فترة الجمهورية الثالثة، وقد تم إدراجها حسبه ضمن الملكية الوطنية في ظروف تتسمم بالبشاعة والاحتفال الدموي والوحشي بالنصر على خصم تم انتهاك كرامته حتى الموت.

ونصت ديباجة المقترح على وجوب اتخاذ إجراء يقضي بنوع أي اهتمام بهذه الجماجم من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو علم الآثار أو العلوم، من أجل تسهيل عودتها. وأضافت أنّ هذه الجماجم ليست سوى مظهر لممارسة تقوم على انتهاك حرمة الجثث وعلى البربرية التي تم تغطيتها بمبررات شبه علمية لعصر غابر، في وقت كان الهدف الوحيد مما جرى تحطيم وإهانة الخصم الذي تعرض للهزيمة.

وبحسب ديباجة مقترح القانون، فإن عرض هذه الرفات البشرية باعتبارها قطعاً ثقافية بعد ممارسات فظيعة تعرض لها أصحابها، لا يمكن أن يكون محل دفاع، وأكدت على أن كرامة من تعرضوا لتلك الانتهاكات يجب أن يعاد صيانتها، دون تأخير أو إجراءات تمثل مناورة للتماطل مفضوحة وغير شريفة.

وأبرزت أن الإعادة الكلية للجماجم مبررة بمبدأ الكرامة الإنسانية والأخلاقيات وتدخل في إطار مسار الاعتراف من قبل فرنسا حول ممارساتها المأسوف عليها ضد مستعمراتها السابقة في إطار التهدئة.

ويحتوي مقترح القانون على مادة واحدة تنص على أنّ الجماجم الجزائرية الـ13 المحفوظة كملكية للمجموعة الوطنية تحت رعاية المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي- متحف الإنسان، لم تعد جزءاً من هذه المجموعة اعتباراً من دخول هذا القانون حيز التنفيذ. وتشير المادة إلى أنّ للجهة الإدارية، اعتباراً من نفس التاريخ، فترة شهر على الأكثر لتسليم الرفات إلى جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية. وتضيف أن الجماجم الـ24 التي تم تسليمها للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في جويلية 2020 أصبحت بشكل نهائي ملكاً لهذه الأخيرة

الجزائر تسلمت 24 جمجمة سنة 2024

وكانت الجزائر قد تسلمت دفعة أولى من الجماجم في 3 جويلية 2020، حيث تم دفنها بمربع الشهداء في مقبرة العالية بالجزائر العاصمة في احتفال رسمي مهيب. وتشمل القائمة رفات 24 مقاوماً جزائرياً في فترة المقاومة الجزائرية خلال القرن التاسع عشر، من بينهم الشريف بوبغلة، عيسى الحمادي، الشيخ أحمد بوزيان، زعيمِ انتفاضة الزعاطشة سنة 1849، وسي موسى، والشريف بوعمار بن قديدة، ومختار بن قويدر التيطراوي، وجماجم أخرى غير محدّدة الهوية.

كما تضم القائمة أيضاً، جمجمة محمد بن الحاج شاب (مقاوم لا يتعدى عمره 18 سنة) من قبيلة بني مناصر، وكذا جماجم كل من بلقاسم بن محمد الجنادي، خليفة بن محمد (26 سنة)، قدور بن يطو، السعيد بن دهيليس، وسعيد بن ساعد، بحسب نفس المصدر.

وظلت قضية استعادة الجماجم مطروحة منذ سنوات طويلة بين البلدين، حيث كانت السلطات الفرنسية في كل مرة تتحجج بطول الإجراءات القانونية التي يتطلبها هذا النوع من العمليات، إلى أن قرر الرئيس إيمانويل ماكرون، خارج الأطر الإدارية الطويلة، إعادة بعض الجماجم سنة 2020 كبادرة منه لتهدئة الذاكرة الأليمة بين البلدين.

وحسب تصريحات عبد المجيد شيخي، المستشار السابق لدى رئاسة الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية، توجد أكثر من ألفي جمجمة تعود لجزائريين، من أصل 18 ألف توجد في متحف الإنسان، وذكر المؤرخ الجزائري أنّ فرنسا الاستعمارية كان هدفها من وراء نقل جماجم الجزائريين إثبات تفوق الجنس الأبيض، حيث كانت تخضع الجماجم لدراسات بفرض إبراز خصائص الجنس الأبيض وتفوقه في ذلك الوقت الذي ظهرت فيه النظريات العرقية التي تتحدث عن سمو بعض الأجناس على أجناس أخرى، وفق تعبيره.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار