Image

رئيس سلطة ضبط المحروقات: “لم نستورد قطرة واحدة منذ 4 أعوام وهذا ما يستهلكه الجزائريون من وقود”

رئيس سلطة ضبط المحروقات: “لم نستورد قطرة واحدة منذ 4 أعوام وهذا ما يستهلكه الجزائريون من وقود”

الجزائرالآن_ كشف رئيس سلطة ضبط المحروقات رشيد نديل، أنّ الجزائر تمكّنت من تحقيق أحد أهم أهدافها في مجال الطاقة، وهو تحقيق الاكتفاء الذاتي للمحروقات، بالتزامن مع اتجاهها إلى فتح أسواق جديدة للطاقة التي تنتجها، وأهمها الغاز، الذي تسعى كثير من دول أوروبا إلى الحصول عليه.

وقال نديل في حوار مع منصة “الطاقة” المتخصصة، أنّ الجزائر “لم تستورد ولو قطرة وقود منذ 4 سنوات”، وذلك بفضل مجموعة الاستثمارات التي تقوم بها مجموعة “سوناطراك” وفروعها في مجال نشاط تكرير البتروكيماويات، وعمل المصافي.

وأضاف عاملا آخر، وهو تبعات وباء كورونا، “إذ إنّ الاستهلاك المحلي تراجع خلال فترة الجائحة، متأثرًا بتباطؤ النشاط الاقتصادي الوطني، ما أدى إلى تخزين كميات معتبرة من الإنتاج، استعملت على أثر ذلك في مرحلة ما بعد الجائحة.”

وما يؤكد حجم الانجاز المتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي، هو كمية الاستهلاك الكبيرة في الجزائر، إذ استهلكت البلاد في عام 2023 قرابة 10.1 مليون طن من “الديزل، وهو الوقود الأكثر استهلاكا، أما استهلاك البنزين فيُقدر بنحو 3.3 مليون طن، واستهلاك غاز النفط المسال بلغ 1.73 مليون طن، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 12%، بالمقارنة مع سنة 2022 حين بلغ 1.55 مليون طن، محافظًا على وتيرة الزيادة السنوية المقدرة بما يتراوح بين 12 و15%.

وبالنسبة إلى وقود الطائرات “الكيروزين” استهلكت الجزائر نحو 625 ألف طن، وهو الرقم الذي يمثل زيادة بـ34%، وهي الوتيرة ذاتها المسجلة بشأن الوقود الموجه إلى البواخر، بحكم أنّه سجّل ارتفاعًا بنسبة 50%، الأمر الذي يرجع إلى انتعاش الحركة الاقتصادية الوطنية واستئناف الرحلات الجوية والبحرية، حسب رئيس سلطة ضبط المحروقات.

وأرجع نديل ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي إلى تشجيع السلطات على استهلاك هذا النوع من الوقود “سيرغاز”، كونه غير ملوث للمحيط من جهة، ويُسهم في تقليل استهلاك الأنواع الأخرى كما هو الشأن بالنسبة إلى البنزين، فآلاف المركبات تحوّل سنويًا من استعمال البنزين إلى الغاز.

أما عن الأنواع الأخرى من الوقود، فقد استهلكت الجزائر، خلال 2023، ما يزيد على 1.28 مليون طن غاز البوتان “قارورات الغاز”، مسجلة تراجعًا بنسبة 5%، مقارنة مع السنة التي سبقتها، بفضل اتساع شبكة الغاز الطبيعي وبلوغها العديد من المناطق، حتى النائية والمعزولة منها، وبالتالي تعويض استعمال قوارير الغاز.

أما استهلاك الزيوت فقُدر بـ130 ألف طن تقريبًا، تراجع استهلاك الزفت بنحو 20%، إذ بلغ 500 ألف طن، إذ تعود أبرز أسباب هذا التراجع إلى انتهاء وتسليم العديد من المشروعات المبرمجة في قطاع الأشغال العمومية.

وحسب رشيد نديل، فإنّ “الاستهلاك الوطني من مختلف أنواع الوقود مرشح للارتفاع”، خلال المرحلة المقبلة، في ظل انتعاش الحركة الاقتصادية من جهة، واستئناف استيراد السيارات التي تعد أحد أهم جوانب استهلاك الوقود في الجزائر من جهة أخرى.

ويضيف: “لكن هذا الأمر يتزامن مع استراتيجية السلطات العمومية في تقليص تصدير المحروقات في شكلها الخام، عبر العمل على تثمينها عن طريق نشاطات التكرير والتصفية، تحقيقًا لقيمة مضافة خاصة بدخول مصفاة حاسي مسعود حيز العمل، بداية من عام 2028، بالإضافة إلى مشروعات لتوسعة محطات التكرير الموجودة حاليًا”

الجزائر تعمل على تقليص الاستهلاك المحلي للوقود

ورغم تحقيق الجزائر الاكتفاء الذاتي في استهلاك الوقود بمختلف أنواعه، إلا أنّ السلطات العمومية تحرص في الوقت الراهن على تكريس تقليص الاستهلاك المحلي، والاستفادة منه لرفع حجم الصادرات الوطنية، وذلك من خلال التركيز على تحويل السيارات للعمل بغاز النفط المسال، لا سيما أنّنا بلد غازي بالدرجة الأولى، فضلًا عن مزايا هذا النوع من الوقود وانخفاض انبعاثاته على البيئة والمحيط.

وأوضح رشيد نديل: “من هذا المنطلق، فإنّ تحويل السيارات لاستعمال غاز النفط المسال “جي بي إل” يقلّص استهلاك البنزين والديزل معًا، خاصة في ظل التحفيزات الموجّهة إلى استعمال هذا الوقود النظيف، أبرزها سعره المقدر بـ9 دنانير جزائرية (0.067 دولارًا)، مقارنة بسعر البنزين الخالي من الرصاص المقدر سعره بـ45.62 دينارًا (0.333 دولارًا) أو حتى سعر الديزل المقدر سعره بنحو 29 دينارًا للتر (0.22 دولارًا)، بالإضافة إلى الاستفادة من عدم تسديد قسيمة السيارات السنوية.”

ويرى المتحدث أنّ التوجّه نحو استعمال السيارات الكهربائية والهجينة أيضًا يذهب نحو الاتجاه نفسه في تقليص استهلاك الوقود، وهو ما ترجمته السلطات العمومية من خلال فرض استيراد نسبة من السيارات الكهربائية، وفقًا لدفتر الشروط المنظم لنشاطات الوكالات المعتمدة.

وأشار، إلى أنّه هذه الاستراتيجية تأتي بالموازاة مع تجهيز محطات الخدمات بأعمدة الشحن الكهربائي، في إطار توفير أفضل الظروف لاستعمال هذا النوع من السيارات من قبل المواطنين.

لا توجد نية للتخلي عن دعم أسعار المواد الطاقوية

أكد رئيس سلطة ضبط المحروقات، رشيد نديل، أنّ من أسباب ارتفاع الاستهلاك المحلي، هو انخفاض الأسعار، ولكنّه ليس السبب الرئيس، مشددا على أنّ “الجزائر لن تتخلى بالتأكيد عن دعم أسعار المواد الطاقوية ومن بينها الوقود بأنواعه، كونه من بين أهم المبادئ الرامية لحماية الطبقات ذات الدخل الضعيف من المواطنين، والحفاظ على قدرتهم الشرائية.”

ومع ذلك يعتقد نديل أنّه “من غير المقبول استمرار الوضع على حاله، ومن ثم وجب التفكير في طريق لتوجيه الدعم إلى مستحقيه دون التخلي نهائيًا عنه”، مشيرا إلى أنّ يجب “توعية المواطنين بضرورة تقليص الاستهلاك في استعمال الطاقة بأنواعها.”

هذا هو دور سلطة ضبط المحروقات في الجزائر لضبط الأسواق

وفي توضيحه لدور سلطة ضبط المحروقات في الجزائر، قال نديل أنّ انفتاح السوق الجزائرية في مجال الطاقة منذ بداية عام 2000، دفع السلطات العمومية إلى ضرورة التفكير في إنشاء هيئة التنظيم، تترجمها سلطة ضبط المحروقات منذ 2005، على هذا الأساس فإن كل النشاطات ذات العلاقة بقطاع المحروقات وعمل المنشآت والمحطات النفطية يخضع لموافقة هذه الهيئة ومراقبتها.

وأوضح أنّه لا بد من التمييز بين المنشآت المنجزة قبل 2005، التي انطلقت بعد ذلك في تحديد دور سلطة ضبط المحروقات، ففي الحالة الأولى “تُفرض على المنشأة النفطية إعادة مطابقتها للمعايير، وإذا لم تستجب إلى شروط السلامة والمخاطر فإنها تُغلق”، إذ إنّ السلامة أولوية لا يمكن التفريط فيها، أما إذا كان المشروع المعني بعد سنة 2005 فإنّ “المراقبة تبدأ مع إبداء المستثمر نيته في إقامة المشروع.”

وأضاف: “سلطة ضبط المحروقات مهمتها الأساسية هي حماية البيئة والمحيط وضمان سلامة الموارد البشرية، ولن توافق سلطة الضبط على أي مشروع قبل تأكيد الدراسات الميدانية للمستثمر عدم وجود أي خطر على المحيط والبيئة والمواطنين على السواء.”

وتابع: “بالإضافة إلى التأكد من مطابقة التجهيزات والمعدات للمعايير المطلوبة، وتستمر مراقبة سلطة الضبط قبل بداية المشروع من خلال دراسة مطابقة الملف للميدان، ثم إيفاد اللجان من الخبراء والمختصين للمنشأة دوريًا لضمان التزامها بجميع الشروط.”

كما تتواصل المراقبة خلال مراحل إنجاز المشروعات وعمل المنشآت النفطية، بالإضافة إلى إلزام المستثمر بإعادة المنطقة إلى حالتها الأولى حماية للبيئة والمحيط.

ومن مهام سلطة ضبط المحروقات -أيضًا- منح التراخيص لنشاط محطات الوقود، وفي هذا الشأن تعمل على تنظيم السوق التي تعاني حاليًا من بعض الاختلال، إذ اقترحنا لمعالجته قانونًا موجودًا حاليًا على طاولة الأمانة العامة للحكومة للموافقة عليه.

وينهي رئيس سلطة ضبط المحروقات رشيد نديل حواره مع منصة “الطاقة” المتخصصة، بالإشارة إلى أنّ القانون ينص على مجموعة من المعايير “لضبط هذه السوق”، موازاة مع مرافقة المستثمر المجال وتوجيهه من خلال اقتراح مناطق أفضل من حيث المردودية والتوزيع لإقامة مشروع محطة الوقود، وبالتالي تحقيق التنافس العادل بين المستثمرين وتحسين أداء أفضل للخدمات العمومية.

المقالة التالية
الأخبار المتعلقة
آخر الأخبار